تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أدب الأنبياء والصالحين مع الله عزّ و جلّ في القرآن:

ـ[أحلام]ــــــــ[15 - 12 - 2005, 11:51 م]ـ

أدب الأنبياء والصالحين مع الله عزّ و جلّ في القرآن:

لقد كان أدب الأنبياء والصالحين مع الله عزوجل كثيراً وعظيماً، ومن تأمل أحوالهم عرف ذلك. ألم ترى أن المسيح عليه السلام عندما يسأله الله سبحانه وتعالى يوم القيامة: أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين فلم يكن جواب عيسى عليه السلام " لم أُقل ذلك "، وإنما قال: إن كنت ولا اُعلم ما في نفسك إنك أنت علاّم الغيوب، ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا قلته فقد علمته، فذلك من كمال أدبه مع ربه، ثم قال: تعلم ما في نفسيالله ربي وربكم .. إلى آخر الآيات [المائدة:116].

وكذلك أدب إبراهيم مع ربه لما قال: الذي خلقني فهو يهدين، والذي هو يطعمني ويسقين وإذا مرضت فهو يشفين [الشعراء:79] .. ، ما قال والذي يمرضني ويشفين، وإنما قال وإذا مرضتُ فنسب المرض إليه، ونسب الهداية والطعام والسِّقا والشفاء إلى الله رب العالمين، مع أن الله هو الذي يمرض ولا شك، وهو الذي يشفي، لكن لم يرد أن ينسب المرض إليه عزوجل، أدباً مع الله سبحانه وتعالى، وهذا من كمال أدب الخليل عليه السلام.

وكذلك الخضر عليه السلام - على الراجح لأنه كان نبياً - إذ يقول: وما فعلته عن أمري [الكهف:82] أي كان يفعل ذلك بالوحي من الله عزّ وجلّ، فإنه لماذكر السفينة قال: فأردت أن أعيبها [الكهف:79] ولما ذكر الجدار قال: فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما [الكهف:82] ولم يقل فأرادربك أن أعيبها، وإنما قال فأرد تُ أن أعيبها، فإن من كمال أدبه أنه لمّا صارت المسألة عيباً نسبه لنفسه ولم ينسبه لله عزّ و جلّ مع أن كل ذلك بأمر الله وحكمته.

وكذلك الصالحون من الجن قالوا: وإنا لاندري أشرٌ أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربٌّهم رشداً [الجنّ:10]، قالوا: " أشراً أريد بمن في الأرض " ما قالوا: "أشر أراده ربهم بهم، أم أرادبهم ربهم رشداً" .. فجعلوا الفعل مبنياً للمجهول تأد بّاً مع الله عزّ و جلّ.

وكذلك موسى عليه السلام لما نزل مدين قال: ربِّ إني لما أنزلت إلي من خير فقير [القصص:24] والمعنى أنا فقيرإلى خيرك يارب ومحتاج إلى فضلك ولم يقل: أطعمني .. مثلاً.

وآدم عليه السلام لمّا أٌهبط من الجنة إلى الأرض قال: ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين [الأعراف:23] ولم يقل: ربِّ قدرت علي هذه المعصية وقضيت علي بها .. ونحو ذلك، بل نسب الظلم إلى نفسه: " ظلمتُ نفسي فاغفرلي".

وكذلك قول أيوب عليه السلام: إني مسني الضُّر وأنت أرحمُ الرحمين [الأنبياء:83] وهذا أعظم أدباً من أن يقول فعافني واشفني، ثم قال: وأنت أرحم الرحمين والأدب عند أنبياء الله طويل لاينتهي ..

ونذكر هنا جانباً من أدب الأنبياء مع المخلوقين، كان من أدب يوسف عليه السلام مع أبيه وإخوتِه حين قال لأبيه: قال هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا. وقدأحسن بي إذ أخرجني من السجن [يوسف:100] فلم يقل أخرجني من الجبِّ مع أنه أخرجه من الجبِّ! لأنه لا يريد أن يجرح مشاعر إخوانه تأدبًا معهم.

وكذلك فإنه لما جاء بإخوته وأهله، قال: وجاء بكم من البدو ما قال مثلاً: رفع عنكم الجهل والجوع والحاجه .. أوأنني فعلت ذلك لكم أوأنني أنقذتكم من الجوع .. والجهل. ثم قال: من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي فنسب الفعل إلى الشيطان، ولم يقل من بعد أن فعل بي إخواني ما فعلوا وظلموني ونحوذلك ..

وكذلك من الأدب مع الله سبحانه وتعالى أن يستر الرجل عورته وإن كان خالياً ..

أما نبينا صلى الله عليه وسلم فقد ضرب المثل العظيم في الأدب مع ربه عزّ و جلّ. ومن أمثلة ذلك ما يذكره المفسرون عند قوله سبحانه وتعالى: مازاغ البصرُ وما طغى [النجم:17] أن النبي صلى الله عليه وسلم لما ارتفع إلى السماء لم يزغ بصرهُ ولم يطغ، أي لم يزغ يميناً أو شمالاً، ولا طغى فنظر أمام المنظور، إنما كان مطرقًا خاشعًا .. "مازاغ البصروما طغى" فهذا صفة مقدمه صلى الله عليه وسلم على ربّه، و يتجلّى في ذلك كمال أدبه عليه الصلاة والسلام.

منقول للفائدة

ـ[أبو سنان]ــــــــ[16 - 12 - 2005, 02:35 ص]ـ

:::

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير