تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قال: قلما قضيت رَجَزي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من قال هذا "؟

قلت: قاله أخي , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يرحمه الله "

فقلت: يارسول الله! إن ناساً ليهابون الصلاة عليه , يقولون رجل مات بسلاحه.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مات جاهداً مجاهداً " , وفي رواية " كذبوا , مات جاهداً مجاهداً فله أجره مرتين , وأشار بأصبعيه " (62)

فقوله: مرتين , ثم يشير بإصبعيه إنما هي توكيد لفظي لأن المقام في حاجة إلى ذلك , وانظر إلى ما أصاب سيدنا سلمة بن الأكوع من غم حين رأى إعراض الصحابة عن الصلاة على

أخيه , حتى ارتاب في الأمر , ودخله ما دخله من الشك في عاقبة أخيه , ومن هنا كان من الأولى إزالة هذا الشك من عنده , ومن عند جميع الصحابة , فأكد النبي صلى الله عليه وسلم كلامه بالإشارة , لتكون الإشارة توكيداً لا يبقى معه لبس , ولا غموض في فوز أخي سلمة بالجنة , والشهادة في سبيل الله تعالى.

فالآذان ستظل تذكر كلام النبي , والعيون كذلك ستظل ترى هذه الإشارة المصاحبة للفظ لتكون بياناً توكيدياً لها.

ومن هذا الباب قول النبي صلى الله عليه وسلم:

[تُدنى الشمس يوم القيامة من الخلق , حتى تكون منهم بمقدار ميل, قال سليم بن عامر: فوالله ما أدري ما يعني بالميل؟ أمسافة الأرض , أم الميل الذي تكتحل به العين؟

قال: " فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق , فمنهم من يكون إلى كعبيه , ومنهم من يكون إلى ركبتيه , ومنهم من يكون إلى حقويه , ومنهم من يلجمه العرق إلجاماً "

قال: وأشار رسول الله بيده إلى فيه. (63)

فقوله صلى الله عليه وسلم " ومنهم من يلجمه العرق إلجاماً, يفهم منه أن العرق قد وصل إلى الفم , هذا منطوق العبارة , والذهن يتصور ذلك , لا شك ,.

إذن , ما الإضافة التي أضافها رسول الله إلى المعنى بإشارته؟ وهل قصّر اللفظ عن أداء المراد حتى تأتي الإشارة؟

إن الإضافة التي أتت بها الإشارة , كما أفهم , هي استحضار الصورة لتشاهدها العيون , فوضعُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم يده على فيه نقل المعنى من عالم الغيب إلى عالم الشهادة , وهذا من أرفع صور التوكيد فالناس الآن لا يسمعون الكلام , بل يرون صورة هذا الرجل الذي ألجمه عرقه , يرونه الآن أمام عيونهم , وهو يحاول النجاة , أو التخلص من هذا العرق بعد أن وصل إلى فيه , وأخذ بخناقه , ويكاد يسد أنفاسه , هكذا ينظر السامع إلى المعنى بعد إشارة النبي صلى الله عليه وسلم.

أما اصطفاء هذا الصنف , أعني: الذي يلجمه العرق , لتصويره دون غيره ممن وصل العرق إلى كعبيه , أو ركبتيه ... الخ , فلأنه الأشد كرباً , والمقام مقام ترهيب من يوم القيامة , والسياق سياق زجر , فالشمس تدنو من الرؤوس , والكل في ضيق ووجل , فكان الأبلغ استخلاص أشد الصور نفوراً فكان من يلجمه العرق إلجاماً هو الأليق بالمقام فوقع التصوير بالإشارة عليه , لأن من رأى ليس كمن سمع.)

http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=8532

ـ[أم العلماء]ــــــــ[20 - 10 - 2005, 01:23 ص]ـ

أشكر لك استجابتك ياأستاذ جمال ...

وما أقصده في هذا العنوان هو الكشف عن وجوه البلاغة خلف تعريفات النبي صلى الله عليه وسلم والمنتشرة في حديثه

ومن ذلك حديث (أتدرون من المفلس؟)

وحديث (ليس الشديد بالصرعة)

وحديث (البر حسن الخلق والإثم ماحاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس)

فتحديد المصطلحات مشكلة تواجه أهل العلم في كل ميدان فكيف حدد النبي بعض المصطلحات وما طريق التعبير؟

وعليه فطرق تحديد المصطلح في الأصل منهج بلاغي مستنبط من تعريفات النبي صلى الله عليه وسلم.

(أود الإشارة إلى أنني أعجبت بهذا الموضوع في مشاركة الأستاذ أبو أنس في منتدى الدراسات العليا)

أما ما أتحفتني به من بحث الدكتور سعيد جمعة فقد أعجبت به وبموضوعه، وإن لم أعثر على مراجع للموضوع السابق فسأجعل بحثي في هذا الموضوع الرائع إن شاء الله.

وجزاك الله خيرا ولا حرمك الأجر

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير