تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وأهم ملاحظة على هذه الأحاديث وصيغها: تفاوتها واضطرابها، وهو أمر غير مقبول في حديث من هذا النوع .. فإنا لو وجدنا نصاً شبيهاً به يروونه عن شيخ قبيلة صغيرة، قاله لقبيلته وهو يودعها قبل موته، ويخبرها بفراسته عن شيوخها الذين سيحكمونها من بعده .. لقلنا بوقوع تحريفٍ في كلامه!

فكيف نقبل بذلك لسيد الأنبياء صلى الله عليه وآله وسيد البلغاء، وهو يودع خاتمة الأمم، ويخبرها عن ربه بأئمتها من بعده، وعلى أوسع ملأٍ من جماهيرها!!

وتتوجه التهمة بالدرجة الأولى الى احتمال تحريف هوية هؤلاء الأئمة، والمتهم به هو السلطة التي حكمت بعد النبي صلى الله عليه وآله لأنها هي المستفيدة من ذلك، وهي التي أبعدت أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله عن الحكم، بل بادرت الى بيعة السقيفة بدون أن تخبرهم، مغتنمةً انشغالهم بجنازة النبي صلى الله عليه وآله!!

ويتأكد الشك عندما نجد أن التفاوت والتعارض، قد تركز على صفة هؤلاء الأئمة الموعودين، ومقامهم الإلهي، وهويتهم، ونسبهم، ووقتهم، ومدتهم!

وهو تعارض ليس قليلاً قابلاً للحل، لأنه موجودٌ حتى في الصيغ والألفاظ المنقولة عن الراوي الواحد!


(46)
وهو أمرٌ يوجب تضعيف الثقة بصيغ الحديث في مصادر السنة، ويقوي الثقة بصيغه المتوافقة، المجمع على مضمونها، الواردة في مصادرنا، والتي تقول إنه صلى الله عليه وآله قال إنهم عليٌّ والحسن والحسين، وتسعةٌ من ذرية الحسين عليهم السلام

التاسعة: الأئمة الإثنا عشر لا يحتاجون الى اختيار ولا بيعة

وهو أمرٌ واضح، فما دام الله تعالى قد اختارهم، فواجب الأمة أن تطيعهم (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن تكون لهم الخيرة من أمرهم) فهم يستمدون شرعيتهم من رب الأمة، ورب الناس ومالكهم، وهو الحكيم الخبير بما يصلح عباده .. واختياره للناس أفضل من اختيارهم لأنفسهم، وألزم.
فالأئمة الإثنا عشر من هذه الناحية مفروض الطاعة من الله تعالى شبيهاً بالأنبياء عليهم السلام، والنبي لا يكون بالإنتخاب، ولا يحتاج الى أن يبايعه الناس .. بل لو لم يبايعه أحد من الناس، وآذوه وقتلوه .. فإن ذلك لا ينقص من وجوب طاعته شيئاً!
ولو بايعه كل الناس لكان معناه اعترافهم بحق الطاعة الذي جعله الله له، وإعلان التزامهم به، لا أكثر.
فبيعة الناس للأنبياء وأوصيائهم عليهم السلام إنما هي بيعة اعترافٍ والتزامٍ بحقهم في الإطاعة، وهي تؤكد هذا الحق، ولا تنشئه.
وهذا هو السبب في أن النبي صلى الله عليه وآله كان يأخذ البيعة على المسلمين في المنعطفات الهامة في حياة الأمة، ليؤكد بذلك عليهم الإلتزام بإطاعته في السراء والضراء، والحرب والسلم، وفيما أحبوه أو كرهوه!
وهذا هو السبب نفسه في أن النبي صلى الله عليه وآله بعد أن بلَّغ الأمة ولاية علي عليه السلام في غدير خم، أمر بأن تنصب له خيمة وأن يهنئه المسلمون بولايته التي أمر الله تعالى بها .. أن يهنئوه تهنئةً، ثم يبايعوه ..

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير