تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وفي الرواية الأخرى صفة أخرى وهو أن كلهم يجتمع عليه الناس، كما وقع عند أبي داود، فإنه أخرج هذا الحديث من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن أبيه عن جابر بن سمرة بلفظ: لا يزال هذا الدين قائماً حتى يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلهم تجتمع عليه الأمة. وأخرجه الطبراني من وجه آخر عن الأسود بن سعيد عن جابر بن سمرة بلفظ: لا تضرهم عداوة من عاداهم.

وقد لخص القاضي عياض ذلك فقال: توجه على هذا العدد سؤالان:

أحدهما: أنه يعارضه ظاهر قوله في حديث سفينة، يعني الذي أخرجه أصحاب السنن وصححه بن حبان وغيره: الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تكون ملكاً. الثلاثون سنة لم يكن فيها إلا الخلفاء الأربعة وأيام الحسن بن علي.

والثاني: أنه ولي الخلافة أكثر من هذا العدد.

قال والجواب عن الأول: أنه أراد في حديث سفينة: خلافة النبوة، ولم يقيده في حديث جابر بن سمرة بذلك.

وعن الثاني: أنه لم يقل لا يلي إلا اثنا عشر، وإنما قال يكون اثنا عشر، وقد ولي هذا العدد، ولا يمنع ذلك الزيادة عليهم.

قال: وهذا إن جعل اللفظ واقعاً على كل من ولي، وإلا فيحتمل أن يكون المراد من يستحق الخلافة من أئمة العدل، وقد مضى منهم الخلفاء الأربعة، ولا بد من تمام العدة قبل قيام الساعة.


(59)
وقد قيل: إنهم يكونون في زمن واحد يفترق الناس عليهم، وقد وقع في المائة الخامسة في الأندلس وحدها ستة أنفس كلهم يتسمى بالخلافة، ومعهم صاحب مصر، والعباسية ببغداد، الى من كان يدعى الخلافة في أقطار الأرض، من العلوية والخوارج.
قال: ويعضد هذا التأويل قوله في حديث آخر في مسلم: ستكون خلفاء فيكثرون.
قال: ويحتمل أن يكون المراد أن يكون الإثنا عشر في مدة عزة الخلافة وقوة الإسلام واستقامة أموره والإجتماع على من يقوم بالخلافة، ويؤيده قوله في بعض الطرق: كلهم تجتمع عليه الأمة، وهذا قد وجد فيما اجتمع عليه الناس الى أن أضطرب أمر بني أمية ووقعت بينهم الفتنة زمن الوليد بن يزيد، فاتصلت بينهم الى أن قامت الدولة العباسية فاستأصلوا أمرهم. وهذا العدد موجود صحيح إذا اعتبر.
قال: وقد يحتمل وجوهاً أخر .. والله أعلم بمراد نبيه. انتهى. (أي كلام عياض)
والإحتمال الذي قبل هذا، وهو اجتماع اثني عشر في عصر واحد كلهم يطلب الخلافة، هو الذي اختاره المهلب كما تقدم. وقد ذكرت وجه الرد عليه، ولو لم يرد إلا قوله كلهم يجتمع عليه الناس، فإن في وجودهم في عصر واحد يوجد عين الافتراق، فلا يصح أن يكون المراد.
ويؤيد ما وقع عند أبي داود: ما أخرجه أحمد والبزار من حديث بن مسعود بسند حسن، أنه سئل كم يملك هذه الأمة من خليفة؟ فقال: سألنا عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: اثنا عشر كعدة نقباء بني إسرائيل.
وقال ابن الجوزي في كشف المشكل: قد أطلت البحث عن معنى هذا الحديث وتطلبت مظانه، وسألت عنه فلم أقع على المقصود به، لأن ألفاظه مختلفة، ولا أشك أن التخليط فيها من الرواة، ثم وقع لي فيه شيء وجدت الخطابي بعد ذلك قد أشار اليه، ثم وجدت كلاماً لأبي الحسين بن المنادي وكلاماً لغيره.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير