تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الإحتمالات، وركز منها على مناقشة البيهقي فقال: فهذا الذي سلكه البيهقي وقد وافقه عليه جماعة من أن المراد بالخلفاء الإثني عشر المذكورين في هذا الحديث، هم المتتابعون الى زمن الوليد بن يزيد بن عبد الملك الفاسق، الذي قدمنا الحديث فيه بالذم والوعيد، فإنه مسلكٌ فيه نظر، وبيان ذلك: أن الخلفاء الى زمن الوليد بن يزيد هذا أكثر من اثني عشر على كل تقدير، وبرهانه أن الخلفاء الأربعة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي خلافتهم محققة بنص حديث سفينة:

الخلافة بعدي ثلاثون سنة. ثم بعدهم الحسن بن علي كما وقع، لأن علياً أوصى اليه وبايعه أهل العراق، وركب وركبوا معه لقتال أهل الشام، حتى اصطلح هو ومعاوية كما دل عليه حديث أبي بكرة، في صحيح البخاري. ثم معاوية، ثم ابنه يزيد بن معاوية، ثم ابنه معاوية بن يزيد، ثم مروان بن الحكم، ثم ابنه عبد الملك بن مروان ثم ابنه الوليد بن عبد الملك، فهؤلاء خمسة عشر، ثم الوليد بن يزيد بن عبد الملك.

فإن اعتبرنا ولاية الزبير قبل عبد الملك صاروا ستة عشر، وعلى كل تقدير فهم اثنا عشر قبل عمر بن عبد العزيز، فهذا الذي سلكه على هذا التقدير يدخل في الإثني عشر يزيد بن معاوية، ويخرج منهم عمر بن عبد العزيز، الذي أطبق الأئمة على شكره وعلى مدحه، وعدُّوه من الخلفاء الراشدين، وأجمع الناس قاطبةً على عدله وأن أيامه كانت من أعدل الأيام، حتى الرافضة يعترفون بذلك.

فإن قال: أنا لا أعتبر إلا من اجتمعت الأمة عليه، لزمه على هذا القول أن لا يعد علي بن أبي طالب ولا ابنه، لأن الناس لم يجتمعوا عليهما، وذلك أن أهل الشام بكمالهم لم يبايعوهما، وعدَّ معاوية وابنه يزيد وابن ابنه معاوية بن يزيد، ولم يقيد بأيام مروان ولا ابن الزبير، فإن الأمة لم تجتمع على واحد منهما.

فعلى هذا نقول في مسلكه هذا عاداً للخلفاء أبي بكر وعمر وعثمان ثم معاوية ثم يزيد بن معاوية ثم عبد الملك ثم الوليد بن سليمان ثم عمر بن عبد العزيز ثم يزيد ثم هشام، فهؤلاء عشرة، ثم من بعدهم الوليد بن يزيد بن عبد الملك الفاسق، ولكن


(68)
هذا لا يمكن أن يسلك، لأنه يلزم منه إخراج علي وابنه الحسن من هؤلاء الإثني عشر، وهو خلاف ما نص عليه أئمة السنة، بل والشيعة، ثم هو خلاف ما دل عليه نصاً حديث سفينة عن رسول الله أنه قال: الخلافة بعدي ثلاثون سنة، ثم تكون ملكاً عضوضاً. وقد ذكر سفينة تفصيل هذه الثلاثين سنة فجمعها من خلافة الأربعة، وقد بينا دخول خلافة الحسن، وكانت نحواً من ستة أشهر فيها أيضاً، ثم صار الملك الى معاوية لما سلم الأمر اليه الحسن بن علي.
وهذا الحديث فيه المنع من تسمية معاوية خليفة، وبيان أن الخلافة قط انقطعت بعد الثلاثين سنة لا مطلقاً، بل انقطع تتابعها، ولا ينفي وجود خلفاء راشدين بعد ذلك، كما دل عليه حديث جابر بن سمرة.
وقال نعيم بن حماد: حدثنا راشد بن سعد، عن ابن لهيعة، عن خالد بن أبي عمران، عن حذيفة بن اليمان قال: يكون بعد عثمان اثنا عشر ملكاً من بني أمية، قيل له: خلفاء؟ قال: لا، بل ملوك.
وقد روى البيهقي من حديث حاتم بن صفرة، عن أبي بحر قال: كان أبو الجلد جاراً لي، فسمعته يقول يحلف عليه: إن هذه الأمة لن تهلك حتى يكون فيها اثنا عشر خليفة كلهم يعمل بالهدى ودين الحق، منهم رجلان من أهل البيت، أحدهما يعيش أربعين سنة، والآخر ثلاثين سنة.
ثم شرع البيهقي في رد ما قاله أبو الجلد بما لا يحصل به الرد، وهذا عجيب منه!
وقد وافق أبا الجلد طائفةٌ من العلماء، ولعل قوله أرجح لما ذكرنا.
وقد كان ينظر في شيء من الكتب المتقدمة، وفي التوراة التي بأيدي أهل الكتاب ما معناه: إن الله تعالى بشر ابراهيم بإسماعيل، وأنه ينميه ويكثره ويجعل من ذريته اثني عشر عظيماً. انتهى.
ويقصد ابن كثير ما هو موجود في التوراة الفعلية ـ العهد القديم والجديد 1|25 ـ طبعة مجمع الكنائس الشرقية ـ في سفر التكوين، الإصحاح السابع عشر، قال:

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير