تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وأما المبدأ السادس من هذا الأساس (من قال: لا إله إلا الله فقد عصم ماله ودمه) فقد جاء في رواية تفسير علي بن ابراهيم القمي بصيغة (وإني أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله). وهو مبدأ له ثلاثة أبعاد:

الأول: أن من أعلن الشهادتين من أي دين أو قبيلة كان فهو مسلم، يحرم ماله ودمه وعرضه، إلا إذا انطبقت عليه مواد الفئة الباغية، أو المفسد في الأرض، أو قتل أحداً عمداً، أو ارتد عن الإسلام، أو زنى وهو محصن .. .

الثاني: أن أهل الكتاب مستثنوْن من هذه القاعدة، والموقف منهم في الحرب والسلم حسب أحكام التعايش الإسلامية الخاصة بهم.

الثالث: أن النبي صلى الله عليه وآله أشهد أمته أنه تقيد في الجهاد بأمر ربه عز وجل، ولم يتعداه .. فمهمته في الجهاد إنما كانت على تنزيل القرآن، وتحقيق إعلان الشهادتين فقط، أي لتكوين الشكل الكلي للأمة، ولم يؤمر بقتال المنحرفين، أو الذين يريدون أن ينحرفوا من المسلمين، لأن ذلك قتالٌ على التأويل، يكون من بعده، لا في عهده.

**


(104)
وأما المبدأ السابع (ختام النبوة به صلى الله عليه وآله وختام الأمم بأمته) فقد ورد في رواية مجمع الزوائد المتقدمة وغيرها (فقال لا نبي بعدي، ولا أمة بعدكم، فاعبدوا ربكم، وأقيموا خمسكم، وصوموا شهركم، وأطيعوا ولاة أمركم، ثم ادخلوا جنة ربكم).
وهو مبدأ هيمنة شريعته صلى الله عليه وآله على شرائع الأنبياء السابقين عليهم السلام. . وردُّ مدعي النبوة الكذابين، الذين ظهر بعضهم في زمنه صلى الله عليه وآله، وظهر عددٌ منهم بعده.
كما أنه يعطي الأمة الإسلامية شرف ختام أمم الأنبياء عليهم السلام، ويلقي عليها مسؤولية هذه الخاتمية في هداية الأمم الأخرى.
وقد حدد النبي صلى الله عليه وآله لهم الخطوط العامة بعبادة الله تعالى والصلاة والصوم وإطاعة ولي الأمر .. ولكن لا يبعد أن الراوي نقل ماحفظه من كلامه صلى الله عليه وآله ونسي بعضه كالزكاة والحج.
ومن الملاحظ في هذه المبدأ وجود فريضة إطاعة ولي الأمر على لسان النبي صلى الله عليه وآله وإذا أوجب الله تعالى إطاعة أحدٍ بدون شروط، فمعناه أنه معصومٌ لا يظلم ولا يأمر ولا ينهى إلا بالحق .. وبما أن النص النبوي لم يذكر شروطاً لإطاعة أولي الأمر، فيكون مقصوده الإثني عشر إماماً المعينين من الله تعالى، الذين بشر الأمة بهم.

**

وأما المبدأ الثامن (شهادة النبي صلى الله عليه وآله على الأمة في الآخرة، وموافاتها له على الحوض) فقد ورد في مصادر متعددة كما مر، وفي بعضها (ألا وإني فرطكم علىالحوض وأكاثر بكم الأمم، فلا تسودوا وجهي) وفي بعضها (وإني مكاثرٌ بكم الأمم، فلا تقتتلن بعدي) وهو أسلوبٌ نبوي فريدٌ في التأكيد على الأمة في وداعها، بأنها ستوافي نبيها بين يدي ربها، ويكون كل فردٍ منها بحاجة ماسةٍ الى أن يسقى من حوض الكوثر، شربةً لا يظمأ الإنسان بعدها أبداً، ويصلح بها بدنه لدخول الجنة.
فهذا التوجيه منه صلى الله عليه وآله كمثل أبٍ يقول لأولاده: إعملوا بوصيتي، فإني مسافرٌ عنكم، وسوف أرجع اليكم وآتي بأموالٍ كثيرة، وتكونون في حالة فقرٍ شديدة، وسأعرف من يعمل بوصيتي منكم، ومن يخالفني!

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير