تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[عاشق جمال الفصحى]ــــــــ[24 - 10 - 2005, 12:00 ص]ـ

مؤتمر خيف المحصب، بالموت، وبسيف علي بن أبي طالب .. ولكن العديد مثل سهيل بن عمرو، وأبي سفيان، وعكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أمية بن خلف، وحكيم بن حزام، وصهيب بن سنان، وأبا الأعور السلمي، وغيرهم من زعماء قريش وكنانة .. مازالو أحياءً ينظرون، وكانوا حاضرين مع النبي صلى الله عليه وآله في حجة الوداع يسمعون كلامه ويذكرون ماضيهم بالأمس القريب جيداً، ويتعجبون من عفوه عنهم واكتفائه بإقامة الحجة الدامغة عليهم!

وكانت تصرفاتهم الظاهرة والخفية، ومنطق الأمور، وشهادة أهل البيت، ومجرى التاريخ .. تدل على فرحهم بأن النبي صلى الله عليه وآله يعلن قرب موته ورحيله عنهم، وأنهم يعدون العدة لما بعده لحصار بني هاشم الجديد!!

فأراد النبي صلى الله عليه وآله أن يذكرهم بخطتهم في حصارهم القديم، وكيف أحبطه الله تعالى! وأنه سيحبط حصارهم الجديد أيضاً!!

وأما المبدأ السابع من هذا الأساس (تحذيره قريشاً أن تطغى من بعده وتفسد) فقد ذكرته أحاديث مصادرنا، وذكرته رواية الهيثمي المتقدمة في مجمع الزوائد عن فهد بن البحيري، الذي استمع على مايبدو الى خطبة يوم عرفة ونقل عن النبي صلى الله عليه وآله قوله (يامعشر قريش لا تجيئوا بالدنيا تحملونها على رقابكم وتجئ الناس بالآخرة، فإني لا أغني عنكم من الله شيئاً) انتهى.

ونشكر الله تعالى أن فهدا البحيري هذا كان بدوياً، ولم يكن قرشياً ولا كنانياً، وإلا لوضع هذه الرواية في رقبة بني هاشم، وأبعدها عن قريش، كما فعل الرواة القرشيون! فجعلونا نقرأ في مصادر إخواننا السنيين عشرات الأحاديث (الصحيحة) في تحذير النبي صلى الله عليه وآله لبني هاشم وبني عبد المطلب وذمهم!! وعشرات الأحاديث في مدح قريش ووجوب أن تكون القيادة فيهم!! ولا تجد فيها حديثاً في ذم قريش إلا وقد أحبطوا معناه بحديث آخر، أو حولوه الى مدحٍ لقريش!!


(116)
وحديث ابن البحيري في حجة الوداع تحذيرٌ نبويٌّ لقريش في محله تماماً .. لأن قريشاً ذات موقع مميزٍ في العرب .. وهي المتصدية لقيادة عرب الجزيرة في حياة النبي صلى الله عليه وآله ومن بعده .. فالخطر على أهل بيته من قريش وحدها .. والتحريف الذي يخشى على الإسلام .. والظلم الذي يخشى على المسلمين إنما هو من قريش وحدها .. وبقية الناس تبعٌ لها!
والنبي صلى الله عليه وآله إنما هو مبلغٌ عن ربه، ومقيمٌ لحجة ربه، وعليه أن يحذر وينذر، ليحيى من حيَّ عن بينة، ويهلك من هلك عن بينة.
وأما المبدأ الثامن من هذا الأساس (تحذيره الصحابة من الإرتداد والصراع على السلطة) فقد روته مصادر الجميع بصيغتين: مباشرة، وغير مباشرة ..
أما غير المباشرة فهي قوله صلى الله عليه وآله (لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض) وقد تقدم في نصوص الخطب أن ابن ماجة عقد في سننه: 2|1300 باباً تحت هذا العنوان وقال فيه إن النبي صلى الله عليه وآله (استنصت الناس فقال ... ويحكم أو ويلكم، لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض ... فلا تقتتلن بعدي).
وهذا يعني أن ذلك سوف يقع منهم، وقد أخبرهم أنهم سيفعلون، ولكنه صلى الله عليه وآله استعمل كل بلاغته وكل عاطفته، وكل موجبات الخوف والحذر .. ليقيم الحجة عليهم لربه عز وجل، حتى إذا وافوه يوم القيامة لا يقولوا: لماذا لم تحذرنا!
والذين يحذرهم من الإقتتال ليسوا إلا الصحابة لا غير .. لا غير .. لا اليهود ولا القبائل العربية، ولا حتى زعماء قريش بدون شركائهم من الصحابة ..
فالدولة الإسلامية كانت قائمة، وقد حققت مركزيتها على كل الجزيرة، والخوف من الإقتتال بعد النبي صلى الله عليه وآله ليس من القبائل التي خضعت للاسلام طوعاً أو كرهاً، مهما كانت كبيرةً وموحدةً مثل هوازن وعطفان .. فهي لا تستطيع أن تطمح الى قيادة هذه الدولة، وإن طمحت فلا حظَّ لها في النجاح، إلا بواسطة الصحابة ..

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير