تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

والهمل بالتحريك: الإبل التي ترعى بلا راع، مثل النفش، إلا أن النفش لا يكون إلا ليلاً، والهمل يكون ليلاً ونهاراً. يقال: إبلٌ هملٌ وهاملة وهمال وهوامل.

وتركتها هملاً أي سدى، إذا أرسلتها ترعى ليلاً ونهاراً بلا راع.

وفي المثل: اختلط المرعي بالهمل. والمرعي الذي له راع. انتهى.

ولكن السؤال هو: لماذا طرح الرسول صلى الله عليه وآله موضوعهم في حجة الوداع؟!

الجواب: لأن الله تعالى أمره بذلك، فهو لا ينطق عن الهوى، ولا علم له من نفسه بما سيفعله أصحابه من بعده، ولا بما سيجري له معهم يوم القيامة!!

والسؤال الآخر: وماذا فعل الصحابة بعد الرسول؟ هل كفروا وارتدوا كما يقول الحديث؟ هل حرفوا الدين؟ هل اقتتلوا على السلطة والحكم؟!

والجواب: إقبل ما يقوله لك نبيك صلى الله عليه وآله، واسكت، ولا تصر رافضياً!

والسؤال الآخر: لماذا اختار الله تعالى هذا الأسلوب في التحذير، ولم يهلك هؤلاء الصحابة، الذين سينحرفون، أو يأمر رسوله بقتلهم، أو يكشفهم للمسلمين ليحذروهم!

والجواب: هذه سياسته سبحانه وتعالى في إقامة الحجة كاملة على العباد، وترك الحرية لهم .. ليحيى من حيَّ عن بينة، ويهلك من هلك عن بينة .. ولا يسأل عما يفعل، وهم يسألون .. فهو سبحانه مالكهم له حق سؤالهم، وهو لا يفعل الخطأ حتى يحاسب عليه .. وهو أعلم، وغير الأعلم لا يمكنه أن يحاسب الأعلم ويسأله!

والسؤال الآخر: ماذا كان وقع ذلك على الصحابة والمسلمين؟! ألم يهرعوا الى الرسول صلى الله عليه وآله ليحدد لهم الطريق أكثر، ويعين لهم من يتبعونه بعده، حتى لا يضلهم هؤلاء الصحابة الخطرون؟!


(120)
والجواب: لقد عين لهم الثقلين من بعده: كتاب الله وعترته، وبشرهم باثني عشر إماماً يكونون منهم بعده ..
وقبل حجة الوداع وبعدها، طالما حدد النبي صلى الله عليه وآله لهم عترته وأهل بيته بأسمائهم: علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام، حتى أن الأحاديث الصحاح تقول إنه حددهم حسياً فأدار عليهم كساءً يمانياً، وقال للمسلمين: هؤلاء عترتي أهل بيتي!!
ولم يكتف بذلك حتى أوقف المسلمين في رمضاء الجحفة بغدير خم، وأخذ بيد علي عليه السلام وبلغ الأمة إمامته من بعده، ونصب له خيمةً، وأمر المسلمين أن يسلموا عليه بإمرة المؤمنين، ويباركوا له ولايته عليهم التي أمر بها الله تعالى .. فهنؤوه جميعاً وباركوا له، وأمر النبي صلى الله عليه وآله نساءه وكن معه في حجة الوداع، أن يهنئن علياً فجئن الى باب خيمته وهنأنه وباركن له .. معلناتٍ رضاهن بولايته على الأمة.
ثم أراد صلى الله عليه وآله في مرض وفاته أن يؤكد الحجة على الأمة بوثيقةٍ مكتوبة، فطلب منهم أن يأتوه بدواة وقرطاس ليكتب لهم كتاباً لن يضلوا بعده أبداً .. ولكنهم رفضوا ذلك بشدة! وقالوا له: شكراً أيها الرسول، لقد قررنا أن نضل، عالمين عامدين مختارين!! لأنا لانريد أن تكتب لنا أطيعوا بعدي عترتي علياً، ثم حسناً، ثم حسيناً، ثم تسعة من ذرية الحسين!
فهل تريد من نبيك صلى الله عليه وآله أن يقيم الحجة أكثر من هذا؟!

الأساس الخامس: عقوبة المخالفين للوصية النبوية بأهل بيته عليهم السلام

وهي عقوبةٌ أخروية، تتناسب مع مسؤولية النبي صلى الله عليه وآله في التبليغ، والشهادة على الأمة .. وقد جاءت شديدةً قاطعة، بصيغة قرارٍ من الله تعالى بلعن المخالفين لرسوله صلى الله عليه وآله في أهل بيته، وطردهم من الرحمة الإلهية، وحكماً بعدم قبول توبتهم نهائياً واستحقاقهم العذاب في النار.
وربما يزيد من شدتها، أنها كانت آخر فقرة من خطبته صلى الله عليه وآله!!

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير