تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الرابع: أن النبي صلى الله عليه وآله حكم بكفر أصحاب هذا الطلب، ولعمري إن مجرد طلبهم كافٍ لإثبات ذلك. ويؤكده الغضب النبوي وقوله صلى الله عليه وآله (ما أراكم تنتهون يا معشر قريش) وقوله بأن الله سيبعث عليهم رجلاً يضرب أعناقهم على الدين، مما يدل على أنهم ليسوا عليه. بل لا يسكتون عنه إلا تحت السيف!!

ولكن الفقهاء يريدون دليلاً أكثر لمساً، وقد أعطاهم إياه النبي صلى الله عليه وآله فأبى أن يرد عليهم عبيدهم المملوكين، وأخبرهم أنه أعتقهم فصاروا عتقاء الله تعالى!

فلو كان هؤلاء الطلقاء مسلمين، وكانت ملكيتهم محترمة، فكيف يجوز للنبي صلى الله عليه وآله أن يعتدي على ملكيتهم، وهو أتقى الأتقياء، وهو القائل: لايحل مال امرىَ مسلم إلا بطيب نفسه .. والقائل: إن أموالكم ودماءكم عليكم حرام .. الخ.

أثر هذه الحادثة على قريش

الظاهر أن هذه الحادثة كانت آخر محاولات قريش لانتزاع اعتراف النبي صلى الله عليه وآله باستقلالها السياسي، ولو بصيغة التحالف معه صلى الله عليه وآله، أو بصيغة الحكم الذاتي تحت لواء دولته! فهل سكتت قريش بعد هذه الحادثة؟

الذين يقرؤون التاريخ المكتوب بحبر الخلافة القرشية، والإسلام المفصل بمقصات رواتها .. يقولون: من المؤكد أن قريشاً تابت بعد هذه الحادثة، وأسلم زعماؤها وأتباعهم وحسن إسلامهم، وتصدقوا وأعتقوا وحجوا، وأكثروا من الصوم والحج والصلاة!

ولكن النبي صلى الله عليه وآله قال (ما أراكم تنتهون يا معشر قريش)!! وطبيعة قريش، وطينة زعامتها تؤكد أنهم واصلوا العمل على كل الجبهات الممكنة!!

نعم .. لقد رأت قريش أن حديدة النبي صلى الله عليه وآله حامية، وأن التفكير بالإستقلال السياسي عنه صلى الله عليه وآله تفكيرٌ خاطىَ، وأن محمداً لا يقعقع له بالشنان، فهو من علياء هاشم وذروة شجعانها، ومعه ابن عمه قَتَّال قريشٍ ومجندل أبطالها، ومعه الأوس والخزرج، الذين تجرؤوا لأول مرة في تاريخهم على حرب قريش ..


(167)
لقد تراجع عند قريش منطق الإستقلال السياسي عن محمد صلى الله عليه وآله، وتأكد عندها المنطق القائل إن دولة محمد شملت كل المنطقة، وهي تتحفز لمقارعة الروم والفرس، وقد وعد محمد المسلمين بذلك وتطلعوا اليه .. فلا معنى لأن تطالبه قريش بحكم مكة ومن أطاعها من قبائل العرب!
إنه لا بد من التأقلم مع الوضع الجديد، والعمل الجاد بالسياسة وبالعنف المنظم، لكي ترث قريش كل دولة محمد! صلى الله عليه وآله
فمحمد من قريش، وقريش أولى بسلطان ابنها، ولا كلام للأنصار اليمانية، ولا لغيرهم من القبائل.
أما مسألة بني هاشم الذين يسميهم محمد صلى الله عليه وآله العترة والقربى، وتنزل عليه فيهم آيات القرآن، ويصدر فيهم الأحاديث، ويجعل لهم خمس ميزانية الدولة .. فلا بد من معالجة أمرهم بأي طريقة ممكنة!
نعم .. هذا ما وصلت اليه قريش التي أعتقها النبي صلى الله عليه وآله من القتل والرق!
وهذا ماجازته به في حياته صلى الله عليه وآله!
وقد ساعدها عليه من ساعدها من أصحابه!!

الخليفة عمر يشهد بفساد قريش!

ـ قال الطبري في تاريخه: 3|426:
عن الحسن البصري قال: كان عمر بن الخطاب قد حجر على أعلام قريش من المهاجرين الخروج في البلدان، إلا بإذنٍ وأجل، فشكوه، فبلغه، فقام فقال: ألا إني قد سننت الإسلام سن البعير، يبدأ فيكون جذعاً، ثم ثنياً ثم رباعياً ثم سديساً، ثم بازلاً، ألا فهل ينتظر بالبازل إلا النقصان.
ألا فإن الإسلام قد بزل، ألا وإن قريشاً يريدون أن يتخذوا مال الله مغوياتٍ دون عباده ألا فأما وابن الخطاب حيٌّ فلا، إني قائمٌ دون شعب الحرة، آخذٌ بحلاقيم قريش

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير