تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقد ذكر الشافعي هذا التفسير بصيغة (يقال) مما يدل على أنه غير مطمئن اليه قال في كتاب الأم: 4

168:

قال الشافعي رحمه الله: ويقال والله تعالى أعلم: إن أول ما أنزل الله عليه: إقرأ باسم ربك الذى خلق، ثم أنزل عليه بعدها ما لم يؤمر فيه بأن يدعو إليه المشركين، فمرت لذلك مدة. ثم يقال: أتاه جبريل عليه السلام عن الله عز وجل بأن يعلمهم نزول الوحي عليه ويدعوهم الى الإيمان به فكبر ذلك عليه وخاف التكذيب وأن يتناول، فنزل عليه: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس. فقال يعصمك من قتلهم أن يقتلوك حين تبلغ ما أنزل إليك ما مر به، فاستهزأ به قوم فنزل عليه: فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين. إنا كفيناك المستهزئين. انتهى.

ويكفي للرد على هذا القول:

أولا، أن الآية في سورة المائدة، وقد عرفت أنها آخر مانزل من القرآن أو على الأقل من آخر ما نزل، بينما يدعي هذا القول أن الآية من أوائل مانزل!!

وثانياً، أن الشافعي قد ضعف هذا الوجه، لأنه نقله بصيغة يقال ويقال، ولم ينسبه الى النبي صلى الله عليه وآله، بل لم يتبناه.

وثالثاً، أنه لا يمكن قبول هذه التهمة السيئة للنبي صلى الله عليه وآله بأنه تلكأ أو امتنع عن تبليغ رسالات ربه، بسبب خوفه من التكذيب والأذى والقتل، حتى جاءه التهديد الإلَهي بالعذاب، والتأمين من الأذى، فتحرك وبلغ!!

فهذا التصور لا يناسب شخصية المسلم العادي، فضلاً عن النبي المعصوم صلى الله عليه وآله الذي هو أعظم الناس إيماناً وشجاعةً.


(172)
كما تعارضه الآيات التي تصف حرصه صلى الله عليه وآله على تبليغ الرسالة، وهداية الناس أكثر مما فرض الله تعالى عليه.

روايات (يقال) التي ذكرها الشافعي
ـ قال السيوطي في الدر المنثور: 2|298
أخرج أبو الشيخ عن الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله بعثني برسالة فضقت بها ذرعاً، وعرفت أن الناس مكذبي فوعدني لإبلغن أوليعذبني، فأنزل: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل اليك من ربك. (وكذا في أسباب النزول: 1|438)
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يهاب قريشاً فأنزل الله: والله يعصمك من الناس، فاستلقى ثم قال: من شاء فليخذلني، مرتين أو ثلاثاً.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد قال: لما نزلت: بلغ ما أنزل اليك من ربك، قال: يا رب إنما أنا واحدٌ كيف أصنع يجتمع علي الناس؟! فنزلت: وإن لم تفعل فما بلغت رسالته!. انتهى.
ـ ورواه الواحدي في أسباب النزول: 1|139، والطبري في تفسيره: 6|198 ـ وقال النيسابوري في الوسيط: 2|208: وقال الأنباري: كان النبي صلى الله عليه وآله يجاهر ببعض القرآن أيام كان بمكة، ويخفي بعضه إشفاقاً على نفسه من شر المشركين اليه والى أصحابه .. . انتهى.
ويكفي لرد هذه الروايات مضافاً الى أن الآية جزء من سورة المائدة التي نزلت قبيل وفاته صلى الله عليه وآله، أنها روايات غير مسندة، بل هي قولٌ للحسن البصري ومجاهد وابن جريح وأمثالهم، لا أكثر. وستعرف أن الحسن البصري يقصد رسالةً معينة، وأنه أخذ هذا التعبير من خطبة النبي صلى الله عليه وآله في يوم الغدير، وخاف أن يرويها على حقيقتها!

روايات (يقال) تتحول الى رأي يتبناه العلماء!
مع أن المفسرين يعرفون أن الآية نزلت في أواخر حياة النبي صلى الله عليه وآله، ويعرفون أن تفسيرها بحدث في أوائل البعثة إنما هو قول مفسرين من متفقهة التابعين في العصر

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير