تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>


(11)

1 ـ مجاز القرآن عند الروّاد الأوائل:
سحر العرب بجمال القرآن وجلالته، وبهروا بروعته وحسن بيانه، ووقفوا عند جزئياته البلاغية، واستعذبوا نوادر استعمالاته في فن القول، ذلك ما شكل عندهم ذائقة لغوية متأصلة، وأمدّهم بحاسة نقدية متمكنة تتجه بالبيان العربي الى موكب الزحف الدلالي المتطور، وتدفع بالمنهج البلاغي الى المناخ الموضوعي المطمئن، فحدب علماؤهم على هذا العطاء، الجديد يقتطفون ثماره، وعمدوا الى هذا السبيل يجددون آثاره، فكان نتيجة لهذا الجهد المتواصل البنّاء .. رصد المخزون الحضاري في تراث القرآن البلاغي واللغوي، وبدأ التصنيف في هذا المخزون يتجدد، والتأليف بين متفرقاته يأخذ صيغة الموضوعية، فنشأ عن هذا وذاك حشد بياني من المصطلحات، وتبلور فضل تدقيق في شتى المعارف الإنسانية، وتوارث الخلف عن السلف محور الأصالة في التحقيق، كانت عائديته الأبتعاد بالتراث اللغوي عن التعقيد والغرابة والأسفاف، والصيانة له عن الانحطاط والتدهور والضياع، والأزدلاف به عن الوحشي والتنافر والدخيل.
وكان القرآن الحكيم أساس هذا الإصلاح، ومادة هذا التطور في مثله اللغوية وأسراره العربية؛ وما دام الأمر هكذا فالعرب والمسلمون بإزاء الكشف عن خبايا هذا الكتاب وكنوزه، ودراسة مختلف قضاياه الفنية.
وقد كان الأمر كذلك، وكان التوجه للقرآن الكريم بهذه النظرة الفاحصة منذ عهد مبكر، فعكف المسلمون على جمعه وتدوينه وتوحيد قراءاته، وكان أن ضمّت جميع آياته الى سوره، وجمعت كل سوره في المصحف وبدأ تدارسه في نزوله وأسبابه وتشكيله، وحفظه في الصدور وعلى السطور، فكان ما فيه متواترا دون ريب، وسليما دون منازع، تحقيقا

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير