تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

(1) ظ: أمين الخولي: أساس البلاغة بين المعجم، تعريف بالكتاب في أوله.

(2) ظ: الزمخشري، أساس البلاغة، مقدمة المؤلف.


(41)

تفنى فرائده، وبحرا فنيا لا تدرك سواحله.
وقد تجلى في الكشاف ما أضافه الزمخشري من دلالات جمالية في نظم المعاني، وما بحثه من المعاني الثانوية في المجاز القرآني، والتي توصل اليها بفكره النير، من خلال نظره الفاحص في تقديم المتأخر، وعائدية الضمائر، وأسلوب العبارة، والتركيب الجملي، لرصد المضمون البياني في القرآن المتمثل لديه في التمثيل والتشبيه والإستعارة وأصناف المجاز، وهو كثيرا التنقل بالألفاظ القرأنية من الحقيقة الى المجاز مستعينا على ذلك بشؤون الكلام العربي في الحذف والإظهار، والتقدير والإضمار، ذلك بإزاء استجلاء إعجاز القرآن فنيا والتأكيد عليه لفظيا ومعنويا من خلال معطيات الشكل ومميزات المضمون.
صحيح أن الهدف الجانبي عند الزمخشري قد يكون كلاميا كما أسلفنا، ولكن هذا لا يمانع من أن يكون كتابه هذا جوهرة نحن بأمس الحاجة الى امثالها في تبيين روعة القرآن، وجمال عبارته، ودقة بلاغته.
ولست هنا في مجال الحديث عن الكشاف إلا إجمالا، ومن خلال هذا الإجمال، أضع نموذجين لتحقيقه المجازي بين يدي البحث: الأول، تعقيبه على قوله تعالى (الرحمن على العرش أستوى *) (1)، فهو يبحثها بلاغيا في ضوء ما تستعمله العرب مجازا أو كناية في معنى العرش والأستواء، ويضرب لذلك الأشباه والنظائر من القرآن الكريم والموروث العربي، فيقول:
«ولما كان الأستواء على العرش، وهو سرير الملك مما يردف الملك، جعلوه كناية عن الملك فقالوا: استوى فلان على العرش، يريدون ملك، وإن لم يقعد على السرير البتة. وقالوا أيضا ـ لشهرته في ذلك المعنى ومساواته ـ: ملك، في مؤداه وإن كان أشرح وأبسط أدل على صورة الأمر، ونحوه قولك: يد فلان مبسوطة ويد فلان مغلولة، بمعنى أنه جواد أو بخيل لا فرق بين العبارتين إلا فيما قلت: حتى أن من لم يبسط يده بالنوال قط، أو لم تكن له يد رأسا، قيل فيه: يده مبسوطة لمساواته

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير