تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ويترجح عندي وجود علاقة قائمة بين التعريف لغة واصطلاحا؛ وذلك لتقارب الأسر اللغوي للمعنى الاصطلاحي، وانبثاق الحد الاصطلاحي عنه، وهو الاجتياز والتخطي من موضع الى موضع، وهذا ما يكشف عن سر العلاقة المدعاة بين استعمال المجاز لغة واستعماله اصطلاحا، فكما يجتاز الإنسان، ويتنقل في خطاه من موضع الى موضع، فكذلك تجتاز الكلمة وتتخطى حدودها بمرونتها الاستعمالية من موقع الى موقع، ويتجاوز اللفظ محله من معنى الى معنى، مع إرادة المعنى الجديد بقرينة تدل على ذلك؛ فيكون أصل الوضع باقيا على معناه اللغوي، والنقل إضافة لغوية جديدة في معنى جديد، وبهذا يبدو لنا أن المجاز يتضمن عملية تطوير لدلالة اللفظ المنقول المعنى، وتحميله المعنى المستحدث بما لا يستوعبه اللفظ نفسه لو ترك واصل وضعه الحقيقي (2).

وكان التحرر من الضيق اللفظي، والانطلاق في مجالات الخيال، والتأثر بالوجدان النفسي، والحنين الى العاطفة الصادقة، والاتساع في رحاب اللغة، والتوجه نحو الحياة الحرة الطليقة: أساس هذا الاستعمال، فرارا من الجمود، وتهربا من التقوقع في فلك واحد، حول محور واحد.

وفي ضوء هذا الفهم جديدا كان أو مسبوقا، فإن ما يقال عن المجاز في تعبيره الموحي بالمعاني الجديدة، وتركيزه على استكناه الصور الإبداعية، فإنه ينطبق على التشبيه والاستعارة باعتبارهما استعمالين مجازيين، مع فرض وجود العلاقة الدالة على المعنى المستحدث.

وليس هذا الفهم جديدا، بل هو مفهوم الأوائل للاستعمال المجازي،


(1) ابن جني، الخصائص: 2/ 442.
(2) ظ: المؤلف، أصول البيان العربي: 35.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير