تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

لطائف الاستعمال القرآني كثرة ورود المصدر وصفا إما على سبيل الإسناد خبرا، أو على سبيل النعت أو الحال. قال تعالى في سورة الإسراء:

(نحن أعلم بما يستمعون به إذ يستمعون إليك وإذ هم نجوى) (1).

وقال تعالى في سورة الكهف:

(فعسى ربّي أن يؤتين خيرا من جنّتك ويرسل عليها حسبانا من السّماء فبصبح صعيدا زلقا * أو يصبح ماؤُها غورا فلن تستطيع له طلبا *) (2).

والمصدر في الآية الأولى خبر المبتدأ، وهم يزعمون أن اسم المعنى لا يخبر به عن اسم الذات فتأمل. وفي الآية الثانية خبر الفعل الناسخ.

وقال تعالى في مورة الفرقان:

(وعباد الرّحمن الّذين يمشون على الأرض هونا) (3) يقول الزمخشري: «هونا حال أو صفة للمشي،. . . إلا ان وضع المصدر موضع الصفة مبالغة» (4).

ويعقب المرحوم الدكتور الجواري على هذه الظاهرة بقوله: «وهذا ديدن النحاة إذ أنهم يجنحون إما الى التأويل بتقدير مضاف حتى يكون هو المصدر صالحا لوصف اسم الذات أو الإخبار عنه، وإما الى تفسيره على صورة المبالغة والمجاز. على أن شيوع هذا الاستعمال ووفرته يشعران بأن التأويل والتقدير وصرف المعنى الى المجاز والمبالغة أمور لا ضرورة لها ولا سبب، بل أنها قد تخرج العبارة عن المعنى الذي قصدت إليه» (5).

وقد يقترن الاستعمال الحقيقي بالتعبير المجازي في القرآن، لتأكيد حقيقة كبرى، وتصوير معلم بارز من معالم الأحداث المهمة، يشكل من خلالهما القرآن خصائص أسلوبية مميزة في العرض والأداء والتعبير، حتى


(1) الإسراء: 47.
(2) الكهف: 40 ـ 41.
(3) الفرقان: 63.
(4) الزمخشري، الكشاف 3: 103.
(5) أحمد عبد الستار الجواري، نحو القرآن: 69 ـ 70.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير