تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

القرآن قائما على أساس إضافة المعاني الجديدة لمن ليس شأنه أن يتصف بذلك، ولكنه ارتفع لذلك المستوى بالنظر العقلي بهذا التعبير الموحي، أو تلك الحركة من الألوان، تأكيدا على حقيقته، وكأنه كذلك، فالحياة توهب الى الأرض كما توهب الى الإنسان، وليس للأرض حياة، ولكن زهرتها ونضرتها، وحيويتها، وخضرتها، وازدهارها واهتزازها، كان على سبيل من الحياة، وكأن ذلك حياة في واقعه، وديمومة في الإيحاء بمقتضاه، وفي هذا الملحظ نقف عند كل من قوله تعالى:

أ ـ (والله الذي أرسل الرياح فتثير سحابا فسقناه الى بلد مّيّت فأحيينا به الأرض بعد موتها كذلك النشور *) (1).

ب ـ (ومن ءاياته أنّك ترى الأرض خاشعة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزّت وربت إن الذي أحياها لمحي الموتى إنّه على كل شيء قدير *) (2).

ج ـ (ومن ءاياته يريكم البرق خوفا وطمعا وينزّل من السّماء ماءً فيحيء به الأرض بعد موتها إن في ذلك لايات لقوم يعقلون *) (3).

ففي الآية (أ) ستجد الحياة قبال الموت بالنسبة للأرض، والحياة والموت لها غير حقيقيين ولكنهما مجازيين، وقد تجوز بهما النص القرآني لإعطاء صفة الحياة لمن لا حياة له، وذلك بإيجاد معالم الحياة من الزينة والاهتزاز والإنبات وأخراج الثمرات، فكان إضفاء صفة هذه المعالم على الأرض حياة لها، كما أن سلب هذه المظاهر موت لها، ذلك من أجل الاستدلال على الحقيقة الكبرى، وهي إحياء الموتى، وإثبات النشور عن طريق التمثيل والقياس البديهي العقلي، فكما كانت الأرض ميتة فأحياها، فهو يحيي الموتى بكمال القدرة، ذلك الإحياء بإرادة الكينونة المطلقة، وهذا الإحياء بإيجاد العوامل المسببة له، وكلا الإحيائين مصدره أمره الكائن.

والملحظ المدرك بهذا تنبيه العقل الإنساني وإثارة حوافزه من حناياه


(1) فاطر: 9.
(2) فصلت: 39.
(3) الروم: 24.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير