الله أكبر وكيف لا يكون لهم ذلك!!! وهم خير البشر وهم صفوة الخلق هم اللذين أختصهم الله برسالته وأدبهم وعلمهم ما لم يكونوا يعلمون وبعثهم رسل رحمة للبشر يخرجونهم من الظلمات إلى النور ومن تيه الدنيا إلى نعيم الآخرة.
بل أن أدبهم كان من رب العالمين حيث أدبهم فأحسن تأديبيهم و ذكر ذلك القرآن في مواطن كثيرة.
وقال تعالى في آدم عليه السلام: {وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} البقرة31
والعلم يتضمن الأدب.
قال الله تعالى في موسى عليه السلام: {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} طه39
(وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي) {41}
وقال تعالى في عيسى عليه السلام: {وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِعَيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ} المائدة46
وقال الله تعالى واصفاً نبيه واللذين آمنوا معه: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً} الفتح29
وقال الله تعالى إكراما لنبيه {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} الأحزاب56
وغيره من الآيات التي تدل على أن الأنبياء استمدوا هذا الادب وهذه التربية من الله سبحانه وتعالى.
قال الشاعر:
إلا يكن نسب يؤلف بيننا ... أدب أقمناه مقام الوالد
أو يختلف ماء الوصال فماؤنا ... عذب تحدر من غمام واحد
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[16 - 12 - 2005, 07:33 ص]ـ
شكر الله للأخت أحلام وللأخ أبي سنان هذه اللفتات الجليلة من أدب الأنبياء مع ربّهم سبحانه وتعالى ..
وما أحوجنا اليوم إلى أن نتأدّب بأدب الأنبياء عليهم أفضل الصلاة والسلام .. فإن أجمل شيء في الإنسان الأدب، لو أنه تحلّى به ..
وأذكّر هنا بموقف لرسول الله صلى الله عليه وسلم مع الأنصار بعد غزوة حنين .. وذلك بعد أن بلغه - صلى الله عليه وسلم - أن الأنصار وجدوا عليه في أنفسهم، فسأل زعيمهم سعد بن عبادة، قال: ما القضية؟ قال: إن قومي وجدوا عليك في أنفسهم، متألمين لهذا الفيء الذي أعطيته للعرب، ولم تعطهم منه شيئاً.
النبي صلى الله عليه وسلم أراد - بحكمته البالغة - أن يعرف إن كان هذا موقف سعد، أم أنه ناقل أمين؟ قال له: يا سعد أين أنت منهم؟ قال: ما أنا إلا من قومي، أيضاً أنا حزين، فقال: اجمع لي قومك، فجمع له الأنصار ..
والآن تصوّروا معي هذا الموقف .. النبي صلى الله عليه وسلم في أقوى مركز بعد أن انتهى من حنين، ودانت له الجزيرة العربية من أقصاها إلى أقصاها، وما اجتمعت الجزيرة في يوم سابق على إنسان واحد كما اجتمعت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكلمته نافذة في أي مكان .. فبإمكانه أن ينهي وجودَ هؤلاء الذين انتقدوه، كما يفعل الطغاة، وبإمكانه أن يهملهم، وبإمكانه أن يهدر كرامتهم، وبإمكانه أن يعاتبهم لصالحه، وبإمكانه أن ينساهم .. فما الذي فعله عليه الصلاة والسلام؟
¥