والنبي صلى الله عليه على آله وسلم يُحَب لما هدانا الله عز وجل به، ولِحرصه صلى الله عليه على آله وسلم على أمته، حتى يقف في أشد المواقف يوم يفر المرء من أخيه وصاحبته وبنيه وأمه وأخيه وهو – عليه الصلاة والسلام – يقول: أمتي أمتي.
ومحبة الله عز وجل ومحبةُ رسوله صلى الله عليه على آله وسلم من أفضل القربات وأجل الطاعات
ولذا لما جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله متى الساعة؟ قال: وما أعددتَّ للساعة؟ قال: حب الله ورسوله. قال: فإنك مع من أحببت.
قال أنس بن مالك – رضي الله عنه –: فما فرحنا بعد الإسلام فرحا أشد من قول النبي صلى الله عليه وسلم: فإنك مع من أحببت.
قال أنس: فأنا أحب الله ورسوله وأبا بكر وعمر، فأرجو أن أكون معهم، وإن لم أعمل بأعمالهم. متفق عليه.
ومحبة الله ورسولِه صلى الله عليه على آله وسلم شافعة للعبد
روى البخاري عن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – أن رجلا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم كان اسمه عبد الله، وكان يلقب حمارا، وكان يُضحك رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد جلده في الشَّراب، فأُتِيَ به يوما فأمر به فجُلد فقال رجل من القوم: اللهم العنه ما أكثر ما يؤتى به! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تلعنوه، فوالله ما علمت إلا أنه يحبُّ الله ورسوله.
ومحبةُ الله ورسوله أعلى واشرف أنواع المحبة، ولذا تطلّع لها الصحابة – رضي الله عنهم –
ففي الصحيحين عن سهل بن سعد – رضي الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر: لأعطين هذه الراية رجلا يفتح الله علي يديه يحبّ الله ورسوله ويحبه الله ورسوله. قال: فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها. قال: فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يرجون أن يعطاها، فقال: أين علي بن أبي طالب؟ فقالوا: هو يا رسول الله يشتكى عينيه. قال: فأرسلوا إليه. فأُتيَ به، فبصق رسول الله صلى الله عليه وسلم في عينيه ودعا له فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع فأعطاه الراية.
ولذا قال عمر بن الخطاب – رضي الله عنه –: ما أحببت الإمارة إلا يومئذ. كما عند مسلم من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه –.
لا لأجل الإمارة ولكن لأجل هذه المنزلة العالية الرفيعة (يحبّ الله ورسوله ويُحبُّه الله ورسوله)
وبالمحبة يتبوأ المتحابُّون أعلى المراتب
قال – عليه الصلاة والسلام –: إن الله يقول يوم القيامة: أين المتحابون بجلالي؟ اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي. رواه مسلم.
وقال – عليه الصلاة والسلام –: قال الله عز وجل: المتحابون في جلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء. رواه الترمذي وصححه.
وحدّث أبو مسلم الخولاني فقال: دخلت مسجد حمص فإذا فيه نحو من ثلاثين كهلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا فيهم شاب أكحل العينين براق الثنايا ساكت فإذا امترى القوم في شيء أقبلوا عليه فسألوه، فقلت لجليس لي: من هذا؟ قال: هذا معاذ بن جبل. فوقع له في نفسي حبّ، فكنت معهم حتى تفرقوا، ثم هجّرت إلى المسجد، فإذا معاذ بن جبل قائم يصلي إلى سارية فسكتُّ لا يكلمنى، فصليت ثم جلست فاحتبيت برداء لي، ثم جلس فسكت لا يكلمنى وسكت لا أكلمه، ثم قلت: والله انى لأحبك. قال: فيم تحبني؟ قال: قلت: في الله تبارك وتعالى. فأخذ بحبوتي فجرّني إليه هنية، ثم قال: أبشر ان كنت صادقا. سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: المتحابون في جلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء. قال أبو مسلم: فخرجت فلقيت عبادة بن الصامت فقلت: يا أبا الوليد ألا أحدثك بما حدثني معاذ بن جبل في المتحابين؟ قال: فأنا أحدثك عن النبي صلى الله عليه وسلم يرفعه إلى الرب عز وجل قال: حقّتْ محبتي للمتحابين فيّ، وحقّتْ محبتي للمتزاورين فيّ، وحقّتْ محبتي للمتباذلين فيّ، وحقّتْ محبتي للمتواصلين فيّ. رواه الإمام أحمد.
وضمن السبعة الذين يُظلّهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله:
رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه.
يعني جمعتهم المحبة في الله فاجتمعوا عليها ولم يُفرّقهم ولم يقطع هذه المحبة إلا الموت، أو انقطاع سببها.
ومن المحبة النافعة الحب في الله، فتكون العلاقات بين الناس والحب لا لأجل القرابة فحسب، ولا لأجل توافق الطباع وارتياح كل شخص للآخر.
فالمؤمن يُحب لأجل إيمانه، لا لجنس ولا لِلون ولا لبلد مُعيّن، وإنما يُحب في الله ولله.
حتى نسمع عن الرجل الصالح أو المرأة الصالحة فتحبّهم قلوبنا وإن لم نعرف أشخاصهم.
ويجب أن تكون المحبة بين المتحابين خالصة لله، ولذا قال – عليه الصلاة والسلام –: لا تُصاحب إلا مؤمناً. رواه أبو داود والترمذي
فإن المحبة إذا كانت خالصة لله عز وجل نفعت صاحبها وحُشِر مع من أحبّ.
وأما المؤمن العاصي فإنه يُحب بقدر ما عنده من إيمان ويُبغض بقدر ما عنده من مُنكرات وعصيان
فيجتمع فيه حبٌّ وبغض في آن واحد.
وأما الكافر فيُبغض ويجب أن يُبغض، ولو أحسن إلينا فإن التعامل شيء، وكون المحبة في القلب شيء آخر.
وعلامتها:
علامة المحبة التي تكون لله أنها لا تزيد بالإحسان، ولا تنقص بالإساءة
منقول للأهمية
وجزى الله خيرا كاتب المقال
¥