وفي سنده مسلمة بن علي الخُشني، ترجم له الذهبي في " الميزان (4/ 109) وقال: " شامي واهٍ ... تركوه؛ قال دحيم: ليس بشيء. وقال أبو حاتم: لا يشتغل به. وقال البخاري: منكر الحديث. وقال النسائي: متروك. وقال ابن عدي: عامة أحاديثه غير محفوظة ".ا. هـ.
وأورد له هذا الحديث من مناكيره وقال: " هذا منكر، ومسلمة لم يدرك قتادة ". ا. هـ
وأخرجه أيضا ابن الجوزي موقوفا على أبي هريرة رضي الله عنه فقال: وروى إسماعيل بن عياش، عن ليث، عن شهر بن حوشب، عن أبي هريرة موقوفا قال: يكون في رمضان هدة توقظ النائم، وتقعد القائم، وتخرج العواتق من خدورها.
وجاء الحديث أيضا عن عبد الله بن مسعود، عبد الله بن عمرو، ومرسل مكحول، وشهر بن حوشب وعن كعب الأحبار من قولهم.
والحديث لا يثبت مرفوعا أو موقوفا بوجه من الوجوه، فجميع أسانيده معلولة، وقد ساقها السلمي في " عقد الدرر " كلها، ولذا قال المباركفوري في تحقيقه لـ " الفتن " لأبي عمرو الداني (5/ 973 – 975): " وقد روي ذلك من أوجه أخرى متصلة، ومن أحاديث عديد من الصحابة، ولكنها لم ترفع الحديث إلى درجة الاستدلال به لأن جميعها معلولة، وبعضها أوهى من بعض، وقد حكم عليها بعض الأئمة بالبطلان والوضع ... والغريب أن بعض العلماء اعتمدوا هذه الأحاديث والآثار وعدوا ما ورد فيها من ذكر لوقوع الصوت والهدة وتحارب القبائل وغيرها من الأمور ضمن العلامات الدالة على ظهور المهدي ... وكذلك عد هذه الأمور ضمن العلامات الدالة على ظهور المهدي مرعي بن يوسف والبرزنجي والسفاريني ... ومن المعلوم أن مثل هذه القضايا لا تقوم على أحاديث واهية وآثار مقطوعة فينبغي الإعراض عنها.ا. هـ.
إعلالُ الحديثِ من جهة المتنِ:
بعد أن تبين لنا أن الحديثَ لا يثبت سندا سواء المرفوع أو الموقوف، نأتي على مثل هذه المتون التي تذكرُ التواريخ المستقبلة.
لقد قعد العلماءُ قواعد كلية لمعرفةِ بطلانِ الحديثِ من غير النظرِ في سنده، وممن أقام هذه القواعد الإمام ابن القيم في " المتار المنيف " (ص 63) فقال: " ومنها: 8 – أن يكون في الحديث تاريخ كذا وكذا مثل قوله: " إذا كان سنة كذا وكذا وقع كيت وكيت، وإذا كان شهر كذا وكذا، وقع كيت وكيت ".ا. هـ.
وقال بعد ذلك أيضا (ص 110): ومنها: أحاديث التواريخ المستقبلة. وقد تقدمت الإشارةُ إليها ... كحديث: " يكون في رمضان هدة توقظ النائم ... الحديث.ا. هـ.
وأورد كلامَ الإمامِ ابنِ القيم ملا علي القاري في " الأسرار المرفوعة " (ص 450).
فالخلاصةٌ أنهُ يجتمعُ لنا بطلانُ السندِ والمتنِ، وللهِ الحمدُ والمنةُ.
أثرُ هذه الأحاديث على الأمةِ:
بعد بيانِ بطلانِ سندِ الحديثِ والمتنِ، فإن المسلمين – مع الأسف - تعلقوا بمثلِ هذا الحديثِ وغيرهِ من الأحاديث التي لا تثبتُ عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأصبح واقعُ المسلمين يتقطع له القلب من انتظار الوقت المستقبلي لحدوث ما جاء في الحديث، وتكثر الأسئلة، ويضطرب الناسُ، ويصاب الناس بحالة من الهستريا، بل تجد أهل المعاصي والموابقات يرجع إلى الله بسبب هذا الحديث المكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم.
يقول الشيخ محمد إسماعيل المقدم في " المهدي " (ص 640): وقد لمسنا أثر الأحاديث الضعيفة في رمضان الماضي (1422 هـ) حيث كان بعض الشباب يجزم بأن الفزعة سوف تحصل منتصف الشهر الكريم، بناء على الأحداث السياسية، والعسكرية الصاخبة في ذلك الوقت، مع ضعف الحديث الذي اتَّكئُوا عليه.ا. هـ.
والحقيقة أن كتابَ الشيخِ محمد بنِ إسماعيل المقدم – جزاه الله خيرا – " المهدي وفقه أشراط الساعة " جيد في مثل هذه الأحاديث، فليرجع إليه، فهو نفيسٌ في بابه، وخاصة الفصول الأخيرة منه، فقد عالج كثيرا من القضايا التي تعلق بها الناس في هذه الأزمنة، وضرب الأمثلةَ، ورد على المتعالمين الذي ألفوا في أشراط الساعة، والذين رفعوا عقيرتهم عندما فشا الجهل في الناس، واغتر بهم فئام من عوام الأمة، وخاصةً في ساحاتِ الحوار على الشبكة العنكبوتيةِ، وبرنامج البال توك، وغير ذلك من وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، نسأل الله لنا ولهم الهداية والسداد، والفقه في الدين.
لا يجوز رواياتها فضلاً عن تصديقها:
¥