تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[إرشاد الأخيار إلى ضعف رواية ((لا ينزل الفجار منازل الأبرار ... )]

ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[26 - 08 - 07, 08:26 م]ـ

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

الحمد لله رب العالمين والصَّلاة والسَّلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين وبعد:

فقد كان الأئمة السابقون يعرفون حديث الرَّاوي وشيوخه وتلاميذه وكم له من الحديث، لأنهم يحفظونها ويتدارسونها، عكس كثير المتأخرين الذين جاؤوا بعد عصر الرواية والحفظ، فإن علمهم يؤخذ في الغالب من الصُّحف، وهذا ليس عيبا فيهم، أو انتقاصا من قدرهم كما يظن بعض الجهلة، لكنَّ إنزال أهل العلم منازلهم، ومعرفة قدرهم هو اللائق بمن يدعي احترام الأئمة، وإذا كان الكتاب مضبوطا والنُّسخ مقابلة فإنَّ ما يرد فيها يكون مقبولا ولا يُطعن فيه إلا بقرينة واضحة لا لبس فيها.

ومن الشروط الَّتِيْ وضعها العلماء رحمهم الله لقبول الرِّواية من الكتب، أن يكون الرَّاوي ضابطا لكتابه إن حدَّث من الكتاب، فإن وجدنا رواية تفرَّد بها أحد المتأخرين من غير الثِّقات الضَّابطين لكتبهم، فعلينا أن ندقِّقَ في الإسناد الَّذِيْ تفرَّد به، لأنه قد يغلط في الإسناد فيصحِّفَ في الأسماء أو يخطئ في صيغ السَّماع فيحصل الخلل بسببه، فيُصحِّح المطالعُ لروايته ذلك الإسنادَ الَّذِيْ لحقَ به الخللُ.

و من أهم الأمور الَّتِيْ يجب أن يعتني بها الباحثُ المدقِّق الَّذِيْ يريد أن يحكم على أيِّ رواية أن لا يعتمد على ظاهر الإسناد دون جمع الطُّرق وتتبُّعها، خاصَّة إن وَجَد كلاما للعلماء في عدم ضبط رُّواة الإسناد أو ضعف حفظهم، لأن إهمال كلامهم وعدم الالتفات إليه سيوقعه في تصحيح الضَّعيف أو تضعيف الصَّحيح.

وقبل الكلام حول هذا الحديث، أريد أن أُذكِّر نفسي المقصرة، وإخواني من طلبة العلم عامة والمهتمين بتخريج الأحاديث خاصَّة بأمر مهم وهو ما قَالَ الإمام عبد الرحمن بن مهدي رحمه الله حيث قال: ((لأن أعرف علَّة حديث هو عندي، أحب من [أن] أكتب عشرين حديثا ليس عندي)) (1).

وقد علمني شيخي أبو عمر عبد الرحمن الفقيه وفقه الله وصيَّة أسأل الله أن يوفقني للعمل بها ما حييت، حيث قال ((لو بقيت شهرا وأنت تبحث طرق الحديث؛ ثم خرجت بنتيجة صحيحة، فإنه أفضل من أن تخرِّج كل يوم عددا من الأحاديث دون تدقيق)).

وهذه الفائدة الَّتِيْ تعلمتها منه حفظه الله وبارك فيه أعرف قيمتها عند النظر في أحكام كثير من الذين يسودون الصفحات ويملؤون حواشي الكتب بطرق الحديث، وعزوها إلى من أخرجها، ثم تجد حكمه عليها حكما مجانبا للصواب؛ بعد فحصه وتتبعه، أما من يغتر بكثرة الكلام، ولا يهتم بالتتبع والتحقيق، فإنه يغتر بهذا السواد الَّذِيْ ملأ البياض، ويدعي لصاحبه التحقيق والجلال، ثم يدفع في نحر كل من يبين خطأً لذلك الجليل القدر عنده، ويتهمه بالتسرع وغيرها من الكلمات النابية الَّتِيْ لُقِّنها ذلك المسكين، أسأل الله أن يهدي الجميع للحق، وأن يوفقهم للخير.

الرِّواية

أخرج أحمد بن منيع في مسنده (2) وأبو الشَّيخ الأصبهاني في أمثال الحديث (3) وأبو نعيم الأصبهاني في تاريخ أصبهان (4) من طريق كثير بن هشام ثنا فرات بن سلمان ثنا إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر الدمشقي عن أبي ذر قال: سمعتُ خليلي أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يَقُوْل: «كَمَا لاَ يُجْتَنَى مِنَ الشَّوْكِ العِنَبُ لاَ يُنْزَلُ الفُجَّارُ مَنَازِلَ الأَبْرَارِ، وَهُمَا طَرِيْقَانِ، فَأَيُّهُمَا أَخَذْتُم وَرَدَ بِكُم عَلَى أَهْلِهِ»

وهذه الرِّواية ضعيفة لا تصحُّ عن النَّبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

حيث إن إسماعيل بن عبيدالله بن أبي المهاجر ولد عام 61 من الهجرة وأرسل هذه الرِّواية عن أبي ذرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وقد وقع الخطأ في جميع الأسانيد الَّتِيْ نُقِلَ بها هَذَا الأثر فيما وقفت عليه وسأسوقها مرتَّبة ليستفيد من أراد تصحيح نسخته:

1 - في المطالب العالية وإتحاف الخيرة للبوصيري قَالَا: قال أحمد بن منيع وثنا كثير بن هشام ثنا فرات بن إسماعيل [(عن) في المطالب، و (بن) في الإتحاف] أبي المهاجر عن أبي ذرٍّ رضي الله عنه قال سمعت خليلي أبا القاسم صلى الله عليه وسلَّم ... به (5)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير