تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[ما درجة هذه القصة؟]

ـ[مبارك مسعود]ــــــــ[06 - 09 - 07, 09:54 م]ـ

وَنَصُّ الْحَادِثَةِ مَا رَوَاهُ أَبُو جَعْفَرٍ قَالَ: كَانَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ يُبَاغِي أَبَا بَكْرَةَ وَيُنَافِرُهُ، وَكَانَا بِالْبَصْرَةِ مُتَجَاوِرَيْنِ بَيْنَهُمَا طَرِيقٌ، وَكَانَا فِي مَشْرُبَتَيْنِ مُتَقَابِلَتَيْنِ فِي دَارَيْهِمَا، فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا كُوَّةٌ تُقَابِلُ الْأُخْرَى، فَاجْتَمَعَ إلَى أَبِي بَكْرَةَ نَفَرٌ يَتَحَدَّثُونَ فِي مَشْرُبَتِهِ، فَهَبَّتْ رِيحٌ، فَفَتَحَتْ بَابَ الْكُوَّةِ فَقَامَ أَبُو بَكْرَةَ لِيَصْفِقَهُ، فَبَصَرَ بِالْمُغِيرَةِ وَقَدْ فَتَحَتْ الرِّيحُ بَابَ الْكُوَّةِ فِي مَشْرُبَتِهِ وَهُوَ بَيْنَ رِجْلَيْ امْرَأَةٍ قَدْ تَوَسَّطَهَا، فَقَالَ لِلنَّفَرِ: قُومُوا فَانْظُرُوا، ثُمَّ اشْهَدُوا؛ فَقَامُوا فَنَظَرُوا، فَقَالُوا: وَمَنْ هَذِهِ؟ فَقَالَ هَذِهِ أُمُّ جَمِيلٍ بِنْتُ الْأَرْقَمِ. وَكَانَتْ أُمُّ جَمِيلٍ غَاشِيَةً لِلْمُغِيرَةِ وَالْأُمَرَاءِ وَالْأَشْرَافِ، وَكَانَ بَعْضُ النِّسَاءِ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي زَمَانِهَا، فَلَمَّا خَرَجَ الْمُغِيرَةُ إلَى الصَّلَاةِ حَالَ أَبُو بَكْرَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ، فَقَالَ: لَا تُصَلِّ بِنَا، فَكَتَبُوا إلَى عُمَرَ بِذَلِكَ، فَبَعَثَ عُمَرُ إلَى أَبِي مُوسَى وَاسْتَعْمَلَهُ، وَقَالَ لَهُ: إنِّي أَبْعَثُكَ إلَى أَرْضٍ قَدْ بَاضَ فِيهَا الشَّيْطَانُ وَفَرَّخَ؛ فَالْزَمْ مَا تَعْرِفُ، وَلَا تُبَدَّلْ فَيُبَدِّلُ اللَّهُ بِك. فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؛ أَعِنِّي بِعِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ؛ فَإِنِّي وَجَدْتُهُمْ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَهَذِهِ الْأَعْمَالُ كَالْمِلْحِ لَا يَصْلُحُ الطَّعَامُ إلَّا بِهِ. قَالَ: فَاسْتَعِنْ بِمَنْ أَحْبَبْت. فَاسْتَعَانَ بِتِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ رَجُلًا، مِنْهُمْ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَعِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، وَهِشَامُ بْنُ عَامِرٍ. ثُمَّ خَرَجَ أَبُو مُوسَى، حَتَّى أَنَاخَ بِالْبَصْرَةِ، وَبَلَغَ الْمُغِيرَةَ إقْبَالُهُ، فَقَالَ: وَاَللَّهِ مَا جَاءَ أَبُو مُوسَى زَائِرًا وَلَا تَاجِرًا، وَلَكِنَّهُ جَاءَ أَمِيرًا. ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو مُوسَى فَدَفَعَ إلَى الْمُغِيرَةِ كِتَابَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَفِيهِ: أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي أَمْرٌ عَظِيمٌ، فَبَعَثْت أَبَا مُوسَى أَمِيرًا؛ فَسَلِّمْ إلَيْهِ مَا فِي يَدَيْك، وَالْعَجَلَ. فَأَهْدَى الْمُغِيرَةُ لِأَبِي مُوسَى وَلِيدَةً مِنْ وَلِيدَاتِ الطَّائِفِ تُدْعَى عَقِيلَةُ، وَقَالَ لَهُ: إنِّي قَدْ رَضِيتهَا لَك. وَكَانَتْ فَارِهَةً. وَارْتَحَلَ الْمُغِيرَةُ وَأَبُو بَكْرَةَ وَنَافِعُ بْنُ كَلَدَةَ، وَزِيَادٌ، وَشِبْلُ بْنُ مَعْبَدٍ، حَتَّى قَدِمُوا عَلَى عُمَرَ، فَجَمَعَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُغِيرَةِ، فَقَالَ الْمُغِيرَةُ لِعُمَرَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؛ سَلْ هَؤُلَاءِ الْأَعْبُدِ كَيْف رَأَوْنِي مُسْتَقْبِلَهُمْ أَوْ مُسْتَدْبِرَهُمْ، وَكَيْف رَأَوْا الْمَرْأَةَ، وَهَلْ عَرَفُوهَا، فَإِنْ كَانُوا مُسْتَقْبِلِيَّ فَكَيْفَ لَمْ أَسْتَتِرْ، أَوْ مُسْتَدْبِرِيَّ فَبِأَيِّ شَيْءٍ اسْتَحَلُّوا النَّظَرَ إلَيَّ عَلَى امْرَأَتِي، وَاَللَّهِ مَا أَتَيْت إلَّا زَوْجَتِي، وَكَانَتْ تُشْبِهُهَا. فَبَدَأَ بِأَبِي بَكْرَةَ، فَشَهِدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ رَآهُ بَيْنَ رِجْلَيْ أُمِّ جَمِيلٍ، وَهُوَ يُدْخِلُهُ وَيُخْرِجُهُ كَالْمِيلِ فِي الْمُكْحُلَةِ. قَالَ: وَكَيْفَ رَأَيْتَهُمَا؟ قَالَ: مُسْتَدْبِرُهُمَا. قَالَ: وَكَيْفَ اسْتَثْبَتَّ رَأْسَهَا؟ قَالَ: تَحَامَلْتُ حَتَّى رَأَيْتُهَا. ثُمَّ دَعَا بِشِبْلِ بْنِ مَعْبَدٍ، فَشَهِدَ بِمِثْلِ ذَلِكَ، وَشَهِدَ نَافِعٌ بِمِثْلِ شَهَادَةِ أَبِي بَكْرَةَ؛ وَلَمْ يَشْهَدْ زِيَادٌ بِمِثْلِ شَهَادَتِهِمْ، وَلَكِنَّهُ قَالَ: رَأَيْته جَالِسًا بَيْنَ رِجْلَيْ امْرَأَةٍ. فَرَأَيْت قَدَمَيْنِ مَخْضُوبَتَيْنِ تَخْفِقَانِ، وَاسْتَيْنِ مَكْشُوفَيْنِ، وَسَمِعْت حَفَزَانًا شَدِيدًا. قَالَ: هَلْ رَأَيْت كَالْمِيلِ فِي الْمُكْحُلَةِ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: فَهَلْ تَعْرِفُ الْمَرْأَةَ؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنْ أُشَبِّهُهَا. قَالَ لَهُ: تَنَحَّ. وَأَمَرَ بِالثَّلَاثَةِ فَجُلِدُوا الْحَدَّ، وَقَرَأَ: {فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمْ الْكَاذِبُونَ}. قَالَ الْمُغِيرَةُ: اشْفِنِي مِنْ الْأَعْبُدِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. فَقَالَ لَهُ: اُسْكُتْ، أَسْكَتَ اللَّهُ نَأْمَتَك، أَمَا وَاَللَّهِ لَوْ تَمَّتْ الشَّهَادَةُ لَرَجَمْتُكَ بِأَحْجَارِكَ. وَرَدَّ عُمَرُ شَهَادَةَ أَبِي بَكْرَةَ، وَكَانَ يَقُولُ لَهُ: تُبْ أَقْبَلْ شَهَادَتَكَ، فَيَأْبَى حَتَّى كَتَبَ عَهْدَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ: هَذَا مَا عَهِدَ بِهِ أَبُو بَكْرَةَ نُفَيْعُ بْنُ الْحَارِثِ، وَهُوَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ زَنَى بِجَارِيَةِ بَنِي فُلَانٍ. وَحَمِدَ اللَّهَ عُمَرُ حِينَ لَمْ يَفْضَحْ الْمُغِيرَةَ. وَرُوِيَ أَنَّ الثَّلَاثَةَ لَمَّا أَدَّوْا الشَّهَادَةَ عَلَى الْمُغِيرَةِ، وَتَقَدَّمَ زِيَادٌ آخِرُهُمْ قَالَ لَهُ عُمَرُ قَبْلَ أَنْ يَشْهَدَ: إنِّي لَأَرَاك حَسَنَ الْوَجْهِ. وَإِنِّي لَأَرْجُو أَلَّا يَفْضَحَ اللَّهُ عَلَى يَدَيْك رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فَقَالَ مَا قَالَ. وَكَانَ ذَلِكَ أَوَّلُ ظُهُورِ زِيَادٍ، فَلَيْتَهُ وَقَفَ عَلَى ذَلِكَ، وَمَا زَادَ، وَلَكِنَّهُ اسْتَمَرَّ حَتَّى خَتَمَ الْحَالَ بِغَايَةِ الْفَسَادِ

أحكام القرآن لابن العربي

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير