وله خصائص كثيرة عدَّ الإمام ابن القيم رحمه الله منها 33 خصوصية, قال الحافظ ابن حجر في ((الفتح)): ((وذكر ابن القيم في الهدي اثنين وثلاثين خصوصية)).
وقال الحافظ السيوطي في ((اللمعة في خصائص يوم الجمعة)): ((فقد ذكر الأستاذ المتفنن شمس الدين بن القيم في كتاب الهدي, ليوم الجمعة خصوصيات، بضعاً وعشرين خصوصية. وفاته أضعاف ما ذكر. وقد رأيت استيعابها في هذه الكراسة، منبهاً على أدلتها، على سبيل الإيجاز وتتبعتها، فتحصلتُ منها على مائة خصوصية، والله الموفق.)).
كذا قالوا وإنما ذكر ابن القيم 33 خصوصية.
قلت: وقد جمع الحافظ السيوطي الغث والسمين في كتابه المذكور, وأنا هنا أحاول الإقتصار على الصحيح مع الكلام على بعض المسائل الفقهية, وقد يقتضي المقام التفصيل فنذكره, إما لشبهة عارضة كما في قضية رفع اليدين حال خطبة الجمعة, وإما لشدة الإختلاف كما في مسألة الغسل قبل الصلاة, مع الترجيح بما رأيته صواباً, فالله أسأل العون والإخلاص.
أما بالنسبة لسورة الكهف:
الخاصة العاشرة: قراءة سورة الكهف في يومها، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ قَرأَ سُورَةَ الكَهْفِ يَوْمَ الجمُعَةِ، سَطَعَ لَهُ نُورٌ مِن تَحتِ قَدَمِهِ إلى عَنَانِ السَّمَاء يُضىء بِه يَوْمَ القِيامَةِ، وغُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَ الجُمُعَتَيْنِ)).
قال أبو الزهراء: الحديث باللفظ المذكور منكر رواه ابن مردويه عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة، سطع له نور من تحت قدميه إلى عنان السماء يضيء له إلى يوم القيامة، وغُفر له ما بين الجمعتين)).
قال النووي في ((المجموع)): ((وأما الأثر عن عمر رضي الله عنه في الكهف فغريب وروى بمعناه من رواية ابن عمر وهو ضعيف أيضاً)). قال ابن كثير في التفسير: ((إسناده غريب)) , وأنكر إسناده الشيخ الألباني في ((تمام المنة)) ولعل ابن القيم أشار لذلك بتصديره بصيغة التمريض, وبأن قال بعده: ((وذكره سعيد بن منصور مِن قول أبي سعيد الخُدري وهو أشبه)) , يرجح وقفه على أبي سعيد بذلك.
ولا اعتبار بقول الحافظ المنذري في ((الترغيب والترهيب)) بعد أن أورد هذا الحديث عن ابن عمر ونسبه لابن مردويه, أقول لا اعتبار بقوله: ((بإسناد لا باس به)).
فيه خالد بن سعيد بن أبي مريم وهو مجهول العدالة. قال ابن المديني: ((لا نعرفه)) , وجهله ابن القطان كما في ((التهذيب)) للحافظ ابن حجر.
وعن علي رضي الله عنه مرفوعاً: ((من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة فهو معصوم إلى ثمانية أيام من كل فتنة تكون فإن خرج الدجال عصم منه)). رواه الضياء في ((المختارة)) وضعفه الإمام الألباني الضعيفة (2013).
قال أبو الزهراء: روى البيهقي والحاكم عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين)). قال البيهقي بعده: ((ورواه سعيد بن منصور عن هشيم فوقفه على أبي سعيد وقال: ما بينه وبين البيت العتيق)).
والموقوف على أبي سعيد رواه أيضاً الدارمي في ((سننه)) , والبغدادي في ((تاريخه)) , والحاكم ((المستدرك)) , والبيهقي في ((شعب الإيمان)) ولفظه: ((مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ أَضَاءَ لَهُ مِنَ النُّورِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ الْعَتِيقِ)).
قلت: والحديث صحيح من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعاً, كما عند البيهقي والحاكم, صححه الألباني في ((مشكاة المصابيح)) (2116). والموقوف صححه بعض العلماء أيضاً ومثله لا يقال بالرأي.
وجاء عن عائشة مرفوعاً: ((ألا أخبركم بسورة ملأت عظمتها ما بين السماء والأرض, ولقارئها من الأجر مثل ذلك, ومن قرأها غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وزيادة ثلاثة أيام؟ قالوا: بلى, قال: سورة الكهف)).
رواه ابن مردويه وضعفه الألباني ((الضعيفة)) (2482) , وقال ((والحديث أورده السيوطي في الجامع بزيادة ومن قرأ الخمس الأواخر منها عند نومه بعثه الله أي الليل شاء)).
قلت: وبهذه الزيادة أورده الشوكاني في ((فتح القدير)).
============
السابعة عشرة: أن للماشي إلى الجمعة بكل خُطوة أجرَ سنة صيامَها وقيامَها.
صح بذلك الحديث عن أَوْسُ بْنُ أَوْسٍ الثَّقَفِىُّ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ غَسَّلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاغْتَسَلَ ثُمَّ بَكَّرَ وَابْتَكَرَ وَمَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ وَدَنَا مِنَ الإِمَامِ فَاسْتَمَعَ وَلَمْ يَلْغُ كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ عَمَلُ سَنَةٍ أَجْرُ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا». رواه عن أوس بن أوس الثقفي أبو داود في ((السنن)) , وابن حبان (2770/ 4/375) , وابن خزيمة في ((صحيحيهما)) , وأحمد في ((المسند)) , والطيالسي في ((المسند)) , والحاكم في ((المستدرك)) , والبيهقي في ((الشعب)) , والنسائي في ((الكبرى)) , والطبراني في ((الكبير)) , وغيرهم.
صححه الألباني ((صحيح الجامع)) (6405).
قلت: ولو لم يكن للجمعة إلا هذا الفضل لكفى به للمؤمن, وكيف وقد جاء غيره كثير.
قال أبو حاتم ابن حبان في ((صحيحه)) بعد هذا الحديث:
((قوله: {من غسل} يريد غسل رأسه، و {اغتسل} يريد اغتسل بنفسه، لأن القوم كانت لهم جُمَمٌ احتاجوا إلى تعاهدها.
وقوله: {بكّر وابتكر} يريد به: بكّر إلى الغسل، وابتكر إلى الجمعة.)).
ثم بوب بعده (2771/ 4/276) ((ذكر الخبر الدال على صحة من تأولنا قوله: من غسل واغتسل))
وذكر حديث ابن عباس: زعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:
((اغتسلوا يوم الجمعة، واغسلوا رءوسكم، إلا أن تكونوا جنباً، ومسوا من الطيب)).
قال: فقال ابن عباس: أما الطيب فلا أدري، وأما الغسل فنعم.
فائدة:
في ((الدر)) للسيوطي:
وأخرج ابن أبي حاتم عن أنس رضي الله عنه في قوله {ونكتب ما قدموا وآثارهم} قال: ((هذا في الخطو يوم الجمعة)).
ملحوظة:
بحثي عن الجمعة لم يتم والعمل فيه متواصل من سنوات عدة, نرجو من الأخوة الدعاء لنا بتتميمه.
ولم أتم بعد ترتيب تخريج المراجع على تاريخ الوفاة كما هو رسمنا. كما أن هناك العديد من المواضيع التي هي بحاجة لدراسة أوسع, يسر الله لنا دراستها.
والله ولي التوفيق.
¥