تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولكن إسماعيل هذا ضعفه أبو حاتم، والدارقطني، وابن عدي، والعقيلي.

وتابعه يحيى بن يحيى، فرواه عن هشيم عن الأعمش معنعنًا.

أخرجه الخطابي في ((غريب الحديث)) (1/ 636) عن الحسن بن عثمان البناني، نا عمر بن سعيد، نا يحيى بن يحيى، عن هشيم به.

والحسن بن عثمان لم أتبينه، وقد روى الخطابي من طريقه عن عبدوس - وهو عبد الله بن روح - المدائني (1/ 415)، وعن محمد بن الجهم السمري (2/ 459) مقرونا بأبي رجاء الغنوي.

وعمر بن سعيد أظنه الدمشقي، وهو ضعيفٌ، بل لعله واهٍ.

فثبت بهذا أنه لم يختلف على هشيمٍ في تصريح الأعمش بالتحديث.

ولكن بقي أمرٌ لم أر من نبَّه عليه، وهو عنعنة هشيم، فإنه مدلسٌ، ولم أجد له تصريحًا بالتحديث.

ولعله لهذا قال أحمد: ((لم يسمعه هشيمٌ من الأعمش)).

ويمكن أن يجاب: بأن هشيمًا لقي الأعمش وأكثر عنه، فلا يحتاج إلى التدليس، إذ الحامل على التدليس غالبًا رغبة المدلِّس في العلو، فلعلَّ من سكت عن تدليس هشيم - كالطحاوي والدارقطني - راعى هذا، كما راعاه الذهبي في عنعنة الأعمش عن شيوخه الذين أكثر عنهم كما تجده في ترجمته في ((الميزان))، فلعل الأمر كذلك ههنا، هذا ما ظهر لي، وعندي فيه توقفٌ.

فلم تبق إلا رواية إبراهيم بن حميد، وهو ثقة، وثقه أبو حاتم وابن معين وابن حبان وغيرهم.

فهذا يقضي على الكلام من أصله؛ إذ من شرط إعلال الرواية الخالية من الراوي الزائد أن تقع معنعنةً، وعلى هذا: يحمل الأمر على أن الأعمش سمعه مرةً من رجلٍ عن أبي صالح، ولقي أبا صالح فسمعه منه.

وفي رواية ابن نمير قال الأعمش: حُدِّثتُ عن أبي صالح ولا أراني إلا سمعته منه، عن أبي هريرة.

وهذا ظنٌّ غالبٌ، وشكُّ الأعمش ليس كشكِّ غيره - كما سيأتي -.

أضف إلى ذلك أن الدارقطنيَّ في ((العلل)) (10/ 193)، وأبا نعيم في ((الحلية)) (7/ 87) ذكرا أن شعبة رواه عن الأعمش، وقد قال شعبة: ((كفيتكم تدليس ثلاثة: الأعمش، وقتادة، والسبيعي)).

ولعله لهذا قال أبو نعيم في ((الحلية)): ((صحيح متفق عليه)) ([7] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/editpost.php?do=editpost&postid=802538#_ftn7)) .

وقد ذهب ابن حبان إلى أن الأعمش سمعه من أبي صالح.

وقال ابن سيد الناس: ((فالكل صحيح متصل)) ([8] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/editpost.php?do=editpost&postid=802538#_ftn8)) .

وسيأتي ذكر من صحح الحديث بعد ذلك إن شاء الله.

ثم رأيت الحافظ قال في ((نتائج الأفكار)) (1/ 338) ذكر روايتي هشيم وابن حميد ثم قال: ((وهاتان الأخيرتان شاذتان)). وهذا غريبٌ، فإن هذه زيادة على ما ذكره الآخرون، وليست مخالفة لهم، والذي زادها ثقة ثبت، فما المانع من قبولها؟ لا سيما وقد رواها إبراهيم بن حميد كما رووها، ثم زاد عليهم تصريح الأعمش، فدلَّ على أنه حفظ.

ومع ذلك فقد قال الحافظ: ((هذا حديثٌ حسنٌ)).

ولعلَّ قائلاً يقول: يظهر مما ذكرتَ أن الأعمش لم يُحكم هذا الحديث، فتارةً يرويه عن أبي صالح، ومرةً عن رجلٍ، ومرةً يقول: حدثت عنه، ومرةً يجزم بسماعه، ومرةً لا يجزم! فهذا يدلُّ على أنه لم يضبط هذا الحديث.

ويجاب: بأن الشكَّ في مرةٍ لا يقدح في الجزم بالرواية الأخرى، ألم تر أن المحدث إذا حدَّث بحديثٍ ثم نسيه فلم يعرفه لم يكن ذلك قادحًا فيه؟

ولعل الأعمش لما حدَّث به عن رجل عن أبي صالح لم يستحضر أنه سمعه من أبي صالحٍ نفسه، فكان هذا سبب اضطرابه، وقد أجاب العلماء بمثل هذا الجواب عن شكِّ أنس t في حديث البسملة بما هو مذكور في مبحث ((المعلل)) من كتب ((الاصطلاح)).

ثم قوله: ((ولا أراني إلا سمعته منه)) ظنٌّ غالبٌ ([9] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/editpost.php?do=editpost&postid=802538#_ftn9)) ، وشكُّ الأعمش ليس كشكِّ غيره، كيف لا! وهو الحافظ المتقن الثبت.

وقد سأل شعبةُ أيوبَ السختيانيَّ عن حديثٍ فقال: أشكُّ فيه، فقال شعبة: شكُّكَ أحبُّ إلي من يقين غيرك!

فإن قيل: فقد نفى سفيان سماع الأعمش لهذا الحديث.

فالجواب: أن المثبت مقدَّمٌ على النافي، ثم إن سفيان ما جزم؛ إنما قال: ((لا أراه سمعه))، وهذا ظنٌّ لا يقاوم ما ثبت من سماعه له.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير