أخرجه السراج في ((مسنده)) (1/ق24/ 1) عن حفص بن عبد الله عنه، فهذا يدلُّ على صحة ما قاله ابن التركماني.
وقد صحَّح هذا الوجهَ الضياءُ في ((المختارة)).
وقد اختلف على الأعمش في إسناده، فرواه ابن طهمان ومن معه عنه، عن مجاهد، عن ابن عمر مرفوعًا.
وخالفهم جرير بن عبد الحميد فرواه عن الأعمش بسنده عن ابن عمر موقوفًا بالشطر الثاني. أخرجه السراج في ((مسنده)) (1/ق24/ 1).
وهذا لا يعل المرفوع، فلعل الأعمش رفعه مرةً، ووقفه مرةً.
وخالفهم زائدة بن قدامة، فرواه عنه، عن رجلٍ، عن ابن عمر مرفوعًا بدون قوله: ((الإِمَامُ ضَامِنٌ، والمُؤَذِّنُ مُؤتَمَنٌ)).
أخرجه أحمد (2/ 136)، وهذا عندي ليس بقادحٍ، بل مرجعها إلى رواية من سبق، فهذا المبهم هو: مجاهد، والله أعلم.
ورواه وكيع، عنه، عن مجاهد قال: المؤذن يشهد له كل رطب ويابس سمعه.
أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 205)، وهذا لا يضرُّ أيضًا، ووقف من وقف الحديث لا يعارض من رفعه.
وذكر الدارقطني أن مجاهدًا أرسله، ولم أقف عليه.
وأخرجه البيهقي والخطيب في ((المتفق)) (3/ 165) عن عمرو بن عبد الغفار، والطبراني في ((الأوسط)) (1/رقم 121) عن يحيى بن سليمان الجعفي، والبيهقي عن سعيد بن سليمان الواسطي، كلاهما عن حفص بن غياث، قالا: عن الأعمش، عن مجاهد، عن أبي هريرة بالشطر الأول حسبُ.
قال الطبراني: ((لم يرو هذا الحديث عن حفص إلا يحيى الجعفي)).
كذا قال! وروايه البيهقي تردُّ عليه.
وتابعهما محمد بن عبيد الطنافسي، ذكره الدارقطني في ((العلل)) (8/ 236).
ولا يبعد عندي أن يرويه الأعمش على الوجهين، وإن كان الوجه الأول أقوى، والله أعلم بالصواب.
وقد ذكر ابن الملقن في ((البدر)) (3/ 386) عن ((علل الدارقطني)) أنه صحح الوجه الأول؛ وهو ما اخترناه.
لكن الذي في ((العلل)) المطبوع (8/ 236) أنه رجح مرسل مجاهدٍ، فالله أعلم.
وقد خولف الأعمش؛ خالفه ليث بن أبي سليم فرواه عن مجاهد، عن عمر موقوفًا بلفظ: ((الإِمَامُ ضَامِنٌ، وَلا يَخُصُّ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ مِنَ الدُّعَاءِ دُونَهُمْ)).
أخرجه ابن المنذر في ((الأوسط)) (4/ رقم 2090) حدثنا علي بن عبد العزيز، قال: ثنا أبو نعيم قال: ثنا عبد السلام، عن ليث، عن مجاهد، عن عمر به.
وهذا سندٌ ضعيفٌ لضعف ليث، والانقطاع بين مجاهد وعمر.
وخولف مجاهدٌ فيه؛ فرواه قتادة عن ابن عمر من قوله بلفظ: الإمام ضامن، إن قدَّم أو أخَّر، وأحسن أو أساء.
أخرجه عبد الرزاق (1840) عن معمر، عن قتادة، عن ابن عمر به.
وهذا سندٌ ضعيفٌ، وقتادة مدلِّسٌ، ومعمر في البصريين ليس بذاك المتقن، ولو سلمنا أنه صحيح فالوقف لا يخالف الرفع كما سبق قبل قليلٍ، والله أعلم.
· وقد روي نحوه عن ابن عمر بسندٍ آخر.
فقال الطبراني في ((الأوسط)) (7/ رقم 7755): حدثنا محمد بن يعقوب، نا أبو الأشعث أحمد بن المقدام، ثنا يوسف بن الحجاج، نا المعارك بن عباد، عن يحيى بن أبي الفضل، عن أبي الجوزاء، عن عبد الله بن عمر أن رسول الله r قال: ((مَنْ أَمَّ قَوْمًا فَلْيَتَّقِ اللهَ، وَلْيَعْلَمْ أَنَّهُ ضَامِنٌ مَسْئولٌ كَمَا ضَمِن، فَإِنْ أَحْسَنَ كَانَ لَهُ مِنَ الأَجْرِ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ صَلَّى خَلْفَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْتَقِصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَا كَانَ مِنْ نَقْصٍ فَهُو عَلَيْهِ)).
قال الطبراني: ((لم يرو هذا الحديث عن أبي الجوزاء إلا يحيى بن أبي الفضل، ولا رواه عن يحيى إلا معارك، تفرد به: يوسف بن الحجاج)).
وهذا سندٌ ضعيفٌ، ومعارك هذا قال فيه البخاري: منكر الحديث، وقال أبو زرعة: واهي الحديث، وضعفه الدارقطني، وقال أبو حاتم: أحاديثه منكرة.
· وقد روي بعضه بسندٍ آخر.
أخرجه ابن ماجه (712)، وأبو نعيم في ((الحلية)) (8/ 198)، والخطيب في ((التاريخ)) (11/ 337)، وابن عدي (6/ 384) كلهم عن محمد بن المصفي الحمصي، حدثنا بقية، عن مروان بن سالم، عن عبد العزيز بن أبي رواد، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله r : (( خَصْلَتَانِ مُعَلَّقَتَانِ فِي أَعْنَاقِ المُؤَذِّنِينَ للمُسلِمِينَ: صَلاتُهُم وَصِيَامُهُم)). فهذا بمعنى: ((المُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ)).
¥