قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الْبُوشَنْجِيُّ: هَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي سُقْنَاهُ وَرَوَيْنَاهُ مِنَ الأَخْبَارِ الثَّابِتَةِ، لأَمَانَةِ حُمَّالِهِ، وَثِقَةِ رِجَالِهِ، وَإِتْقَانِ أَثَرَتِهِ، وَشُهْرَتِهِمْ بِالْعِلْمِ فِي كُلِّ عَصْرٍ مِنْ أَعْصَارِهِمْ، إِلَى حَيْثُ بَلَغَ مَنْ نَقَلَهُ إِلَى الإِمَامِ الْهَادِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، حَتَّى كَأَنَّكَ شَاهِدٌ حَوْلَ الْمِنْبَرِ وَعَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَوْقَهُ، وَلَيْسَ مِمَّا يَدْخُلُ إِسْنَادَهُ وَهَنٌ وَلا ضَعْفٌ، لِقَوْلِ الرَّاوِي عَنْ أَبِي الزَّعْرَاءِ أَوْ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، لِمَا لَعَلَّهُ تَوَهَّمَهُ شَكَّاً فِيهِ، وَلَيْسَ مِثْلُ هَذَا بِشَكٍّ يُوَهِّنُ الْخَبَرَ، وَلا يَضْعُفُ بِهِ الأَثَرُ، لأَنَّهُ حَكَاهُ عَنْ أَحَدِ الرَّجُلَيْنِ، فَكُلٌّ مِنْهُمَا ثِقَةٌ مَأْمُونٌ، وَبِالْعِلْمِ مَشْهُورٌ، إِنَّمَا لَوْ كَانَ الشَّكُّ فِيهِ أَنْ يَقُولَ: عَنْ أَبِي الزَّعْرَاءِ أَوْ غَيْرِهِ، أَوْ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ أَوْ عَنْ غَيْرِهِ، كَانَ الْوَهَنُ يَدْخُلُهُ، إِذْ لا نَعْلَمُ الْغَيْرَ مَنْ هُوَ؟، فَأَمَّا إِذَا صَرَّحَ الرَّاوِي وَأَفْصَحَ بِالنَّاقِلَيْنِ أَنَّهُ عَنْ أَحَدِهِمَا، فَلَيْسَ هَذَا بِمَوْضِعِ ارْتِيَابٍ، فَتَفَهَّمُوا رَحِمَكُمُ اللهُ.
قُلْتُ: وَأَمَّا خُطْبَةُ عَلِيٍّ وَكَلامُهُ الَّذِي أَلْمَحَ إِلَيْهِ، فَقَدْ اسْتَقْصَاهُ الْمِنْهَالُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ، إِلاَّ أَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ عَنْهُ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ لَيْسَ بِثِقَةٍ وَلا مَأْمُونٍ.
وَمَا أَصْدَقَ مَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ فِي «الاعْتِقَادِ»: وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ عَلِيَّاً بَايَعَ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ظَاهِرَاً، وَخَالَفَهُ بَاطِنَاً، فَقَدْ أَسَاءَ الثَّنَاءَ عَلَى عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَقَالَ فِيهِ أَقْبَحَ الْقَوْلِ، وَقَدْ قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي إِمَارَتِهِ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ: «أَلا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ هَذِهِ الأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالُوا: بَلَى، قَالَ: أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرُ».
وَنَحْنُ نَزْعُمُ أَنَّ عَلِيَّاً رَضِيَ اللهُ عَنْهُ كَانَ لا يَفْعلُ إِلاَّ مَا هُوَ حَقٌّ، وَلا يَقُولُ إِلاَّ مَا هُوَ صِدْقٌ، وَقَدْ فَعَلَ فِي مُبَايَعَةِ أَبِي بَكْرٍ، وَمؤازَرَةِ عُمَرَ مَا يَلِيقُ بِفَضْلِهِ، وَعِلْمِهِ، وَسَابِقَتِهِ، وَحُسْنِ عَقِيدَتِهِ، وَجَمِيلِ نِيَّتِهِ فِي أَدَاءِ النُّصْحِ لِلرَّاعِي وَالرَّعِيَّةِ، وَقَالَ فِي فَضْلَهُمَا مَا نَقَلْنَاهُ فِي كِتَابِ الْفَضَائِلِ، فَلا مَعْنَى لِقَوْلِ مِنْ قَالَ بِخِلافِ مَا قَالَ وَفَعَلَ. وَقَدْ دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ عَلَى فَاطِمَةَ فِي مَرَضِ مَوْتِهَا وَتَرَضَّاهَا، حَتَّى رَضِيَتْ عَنْهُ، فَلا طَائِلَ لِسَخَطِ غَيْرِهَا مِمَّنْ يَدَّعِي مُوَالاةَ أَهْلِ الْبَيْتِ، ثُمَّ يَطْعَنُ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيُهَجِّنُ مِنْ يُوَالِيهِ، وَيَرْمِيهُ بِالْعَجْزِ وَالضَّعْفِ، وَاخْتِلافِ السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ فِي الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ.
رِوَايَةُ الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ مِنْ «أُصُولِ الاعْتِقَادِ»
http://www.up77.com/uploads/up7712066578940.jpg (http://www.up77.com/download.php?img=12620)
ـ[عمر رحال]ــــــــ[28 - 03 - 08, 02:50 ص]ـ
بارك الله فيكم يا شيخنا، ونفع الله بعلمكم.
ـ[هشام بن بهرام]ــــــــ[28 - 03 - 08, 07:08 ص]ـ
وكما قدمتم شيخنا الفاضل أنه قد روى هذا التفضيل عنه جماعة.
فمنهم وهب الخير أبو جحيفة السوائي رضي الله عنه فقد ذكر عن علي رضي الله عنه قوله على المنبر خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر.
صح عنه من طرق أيضا.
ومنهم عبد الله بن سلمة المرادي روى عنه قوله ألا أخبركم بخير هذه الأمة بعد نبيها؟ أبو بكر وعمر.
صح عن عمرو بن مرة عنه من وجوه.
ومنهم عبد خير الهمداني روى عنه قوله خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر.
صح عنه من وجوه.
وكذا روى قوله سبق النبي صلى الله عليه وسلم وصلى أبو بكر وثلث عمر.
رواه عنه أبو إسحاق السبيعي.
وروى مثله القاسم بن كثير عن قيس الخارفي عن علي رضي الله عنه.
وروى عمرو بن حريث عن علي رضي الله عنهما قول علي رضي الله عنه خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر والثاني عمر ولو شئت لسميت الثالث.
رواه عنه هارون بن سلمان مولاه.
وذكره عنه من قوله على المنبر كذلك وذكر العقوبة علقمة بن قيس رواه حجاج بن دينار عن أبي معشر عنه.
ويروى عن شريك النخعي عن علي رضي الله عنه مرسلا.
وجزاك الله خيرا شيخنا الفاضل، فما أحوج الناس لمثل هذه التذكرة هذه الأيام.
¥