[ماهو الضابط للإستشهاد بالشعر لشرح لفظ حديثي؟]
ـ[حمود الكثيري]ــــــــ[05 - 02 - 09, 02:43 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
قرأت في كتاب الموجز في قواعد اللغة العربية لسعيد الأفغاني-رحمه الله- مانصه:
أعلى الكلام العربي من حيث صحة الاحتجاج به:
القرآن الكريم بجميع قراءاته الصحيحة السند إلى العرب المحتج بهم. ثم ما صح أنه كلام الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه أو أحد الرواة من الصحابة. ثم نثر العرب وشعرها في جاهليتها بشرط الاطمئنان إلى أنهم قالوه باللفظ المروي، ويلي ذلك كلام الإسلاميين الذين لم يشوه لغتهم الاختلاط.
3 - جعلوا منتصف المئة الثانية للهجرة حداً للذين يصح الاستشهاد بشعرهم من الحضريين؛ فإبراهيم بن هرمة المتوفى سنة (150هـ) آخر من يصح الاستشهاد بشعرهم، وبشار بن برد أول الشعراء المحدثين الذين لا يحتج بشعرهم على متن اللغة وقواعدها. وعلى هذا يؤتى بشعر المتأخرين من فحول الشعراء للاستئناس والتمثيل لا للاحتجاج.
أما في البادية فقد امتد الاستشهاد بكلام العرب المنقطعين فيها حتى منتصف المئة الرابعة للهجرة.
السؤال:
هل هذا التحديد الزمني معتبر عند أهل الحديث (المتأخرين) وإن لم يكن فما هي الضوابط للإستشهاد بنص شعري في شرح حديث نبوي؟
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[05 - 02 - 09, 11:02 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
هذا السؤال أليق بمنتدى اللغة العربية، فهو ينتمي إلى علم (أصول النحو) لو أردت الدقة.
ومسألة تحديد زمن الاستشهاد هي مسألة تقريبية للتسهيل، لعلها مأخوذة من قول الأصمعي: (ختم الشعر بابن هرمة)، وهو الشاعر إبراهيم بن هرمة المتوفى سنة 150 تقريبا.
وأما زمن الأعراب، فلعل هذا التحديد مأخوذ من صنيع الأزهري والجوهري في الاستشهاد بكلام أعراب زمانهم، والأزهري متوفى سنة 370 والجوهري في حدود 400 هجرية.
وبالنظر إلى الصنيع العملي لعلماء اللغة والنحو نرى أن هذا التحديد ما هو إلا تقريب وتسهيل؛ ولا تكاد تجد نحويا إلا وقد رد بعض المسموع في زمن الاحتجاج، واستشهد بالمسموع في غير زمن الاحتجاج، وسيبويه أحيانا يستشهد بكلام الفصحاء في زمنه هو، وأحيانا يرد كلام بعضهم إذا شك في فصاحته.
وابن جني -وهو المتوفى سنة 392 - يستشهد أيضا بكلام بعض الفصحاء في زمانه.
وكثير من العلماء يحتجون بكلام الإمام الشافعي، مع أنه ولد سنة 150 وتوفي سنة 204.
ثم إن الاستشهاد بكلام العرب له قواعد وأصول وضوابط أخرى غير الضابط الزمني، بل لا أبعد إن قلت إن الضابط الزمني هو أضعف الضوابط.
فالخلاصة أن هذه المسألة ليس لها علاقة بعلماء الحديث أصلا لا المتقدمين ولا المتأخرين، وإنما تتعلق بعلماء اللغة والنحو.
ـ[حمود الكثيري]ــــــــ[05 - 02 - 09, 05:09 م]ـ
جزاك الله خير يا أبا مالك على تكبدك عناء الإجابة على هذا السؤال ...
ما أرمي إليه هو في حالة الخلاف حول لفظة حديث فأحد الطرفين يستشهد ببيت من الشعر لإيضاح هذه اللفظة فما هو الضابط {أو الضوابط} لمثل هذا الإستعمال .. خاصة ونحن بصدد شرح كلام أفصح الفصحاء صلى الله عليه وسلم ..... ؟
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[05 - 02 - 09, 05:26 م]ـ
وفقك الله وسدد خطاك
التفسير اللغوي للأحاديث لا يتوقف على الاستشهاد ببيت من الشعر، فكثير من الألفاظ اللغوية المنقولة عن العرب تجدها في المعجمات مفسرة مشروحة من غير أشعار أو شواهد عليها.
فتفسير أهل اللغة الثقات كاف في هذا الباب؛ لأنهم ينقلون عن العرب مباشرة؛ كالخليل وأبي عمرو ويونس وأبي الخطاب وأضرابهم، وكذلك أتباع هؤلاء من العلماء المتقنين، كأبي عبيد وابن قتيبة والأزهري وغيرهم.
ثم إن الاستشهاد ببيت من الشعر إنما يفيد أن هذه اللفظة أو هذا الاستعمال موجود في كلام العرب، ولا يلزم من هذا أن يكون هذا المعنى هو المراد من الحديث، إذ قد يكون للفظ عدة استعمالات عند العرب، فمجرد وجود بيت من الشعر -حتى لو كان من أوثق ما يروى- لا يقطع بأن هذا هو المعنى المراد، إلا إذا لم يكن للفظ سوى معنى واحد.
والأصل في تفسير النصوص الشرعية هو النصوص الشرعية نفسها، فإذا أردت تفسير ما أبهم فعليك بتتبع موارده في باقي النصوص؛ لأن كلام الشارع يفسر بعضه بعضا.
وأما ضوابط الاستشهاد بالشعر فقد ذكرها العلماء، ومنها ما يلي:
- أولا: أن يكون البيت معروف القائل، فلا يستشهد ببيت مجهول لا يعرف قائله، إلا إذا اتفقت كلمة العلماء على فصاحته.
- ثانيا: أن لا يكون الموضع المستشهد به من مواضع الضرورة الشعرية؛ لأنها لا يقاس عليها النثر باتفاق.
- ثالثا: أن لا يكون الموضع المستشهد به مما شذ في كلام العرب، بحيث يعرف أن أكثر كلام العرب على خلافه.
- رابعا: أن لا يكون الموضع المستشهد به وهما وقع فيه الشاعر، كما زعموه في شعر زهير وغيره.
- خامسا: أن لا يكون الشاعر قد تأثر بالأعاجم أو العامة، كما زعموه في الأعشى، وعدي بن زيد، وذي الرمة.
والله أعلم.
¥