فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ _ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّمَ _ رَأْسَهُ؛ فَقَالَ: " أَبْشِرْ يَا عَلِيُّ، أَنْتَ وَأَصْحَابُكَ في الجَنَّةِ، إِلاَّ أَنَّ مِمَّنْ يَزْعُمُ أَنَّهُ يُحِبُّكَ قَوْمٌ يَرْفُضُونَ الإِسْلاَمَ، يَلْفُظُونَهُ، يُقَالُ لَهُمُ: الرَّافِضَةُ، فَإِذَا الْتَقَيْتَهُمْ فَجَاهِدْهُمْ؛ فَإِنَّهُمْ مُشْرِكُونَ "، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا العَلاَمَةُ فِيهِمْ؟، قَالَ: " لاَ يَشْهَدُونَ جُمُعَةً، ولاَ جَمَاعَةً، وَيَطْعَنُونَ عَلَى السَّلَفِ ".
تنبيهٌ: جَاءَ عندَ ابنِ الأعرابيِّ: (خُنيسُ بنُ بكرِ بنِ خُنيسٍ) بدلاً مِنْ: (بكرِ بنِ خُنيسٍ)، وَأَرَى أنَّ الصَّوابَ مَا جَاءَ عندَ ابنِ أبي عاصمٍ، فَإِنَّ بكرَ بنَ خُنيسٍ هُوَ الَّذي يَروِي عنْ سَوَّارِ بنِ مصعبٍ، أمَّا ابنُهُ خُنيسٌ فَلَمْ يُذْكَرْ سَوَّارُ بنُ مُصْعَبٍ ضِمْنَ شُيُوخِهِ.
أقولُ: وَهَذَا إسنادٌ ضعيفٌ جِدّاً مُنْكَرٌ؛ لِثَلاَثَةِ أسبابٍ:
الأوَّلُ: بكرُ بنُ خُنيسٍ ضَعِيفٌ، وابنُهُ خُنيسٌ ضَعِيفٌ _ أيضاً _.
الثَّاني: سَوَّارُ بنُ مُصْعَبٍ مَتْرُوكٌ، مُنْكَرُ الحَدِيثِ، وَقَدْ كَانَ سَوَّارُ بنُ مصعبٍ يَضْطَرِبُ في إسنادِهِ:
فَمَرَّةً: كَانَ يَرْوِيهِ _كَمَا ذَكَرنَا _ عنْ دَاوُدَ بنِ أبي عَوْفٍ، عنْ فَاطِمَةَ بنتِ عليٍّ، عنْ فَاطِمَةَ الكُبرى، عنْ أسماءَ بنتِ عميسٍ، عنْ اُمِّ سَلَمَةَ، عنِ النَّبيِّ _ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمِ _.
ومرَّةً: كَانَ يَرْوِيهِ عنْ أبي الجَحَّافِ _ وَهُوَ: دَاوُدُ بنُ أبي عَوْفٍ _، عنْ محمَّدِ بنِ عليٍّ [وفي روايةٍ: محمَّدِ بنِ عمرٍو]، عنْ فاطمةَ بنتِ عليٍّ، عنْ أُمِّ سَلَمَةَ، عنِ النَّبيِّ _ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمِ _، نحوهُ: أخرجَهُ اللالكائيُّ في " شرحِ أصولِ اعتقادِ أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ " (رقم:2802)، وابنُ عَسَاكِرَ في " تاريخِ دمشقَ " (42/ 333 _ 334) منْ طريقِ محمَّدِ بنِ عبدِ الوهَّابِ الحارثيِّ، وسُويدِ بنِ سعيدٍ، عنهُ.
تنبيهٌ: تَحَرَّفَ اسْمُ محمَّدِ بنِ عبدِ الوهَّابِ عندَ اللالكائيِّ إلى: (محمَّدِ بنِ عبدِ الوَاهِبِ).
وَمَرَّةً: كَانَ يَرْوِيهِ عَنْ عطيَّةَ العوفيِّ، عنْ أبي سعيدٍ الخُدريِّ، عنْ أُمِّ سَلَمَةَ، عنِ النَّبيِّ _ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمِ _، نحوهُ: أخرجَهُ الطَّبرانيُّ في " المعجمِ الأوسطِ " (6/ 354 _ رقم:6605)، والآجُرِّيِّ في " الشَّريعةِ " (رقم: 1933)، والخطيبُ البغداديُّ في " تاريخِ بغدادَ " (12/ 358) _ ومنْ طريقِهِ: ابنُ الجوزيِّ في " العللِ المتناهيةِ " (1/ 166 _ رقم:258) _ مِنْ طريقِ الفضلِ بنِ غانمٍ، عنهُ.
وَمَرَّةً: كَانَ يَرْوِيهِ عنْ محمَّدِ بنِ جُحَادةَ، عنِ الشَّعْبيِّ، عنْ عليٍّ، عنِ النَّبيِّ _ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ _، كَمَا مَرَّ مَعَنَا سَابِقاً عندَ الكَلاَمِ عَلَى حَدِيثِ عليِّ بنِ أبي طالبٍ _ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ _: أخرجَهُ أبو نُعيمٍ في " الحِلْيَةِ " (4/ 329) _ ومنْ طريقِهِ: ابنُ الجوزيِّ في " العللِ المتناهيةِ " (1/ 164 _ رقم:254) _.
أقولُ: هَذَا الاضْطِرَابُ عندَ سَوَّارِ بنِ مصعبٍ دَلِيلٌ عَلَى سُوءِ حِفْظِهِ، وَفُحْشِ غَلَطِهِ؛ لِذَا تَرَكَ الأَئِمَّةُ حَدِيثَهُ.
الثَّالثُ: دَاوُدُ بنُ عَوْفٍ أبو الجَحَّافِ، وثَّقَهُ أحمدُ، وسفيانُ الثَّوريُّ، وابنُ معينٍ، وَقَالَ أبو حاتمٍ: " صَالِحُ الحَدِيثِ "، وقالَ النَّسائيُّ: " لَيْسَ بِهِ بأسٌ "، وَذَكَرَهُ ابنُ حِبَّانَ في " الثِّقاتِ " وَقَالَ: " يُخْطِىءُ "، أَمَّا ابنُ عَدِيٍّ فَقَالَ: " وَهُوَ مِنْ غَالِيَةِ الشَّيعَةِ، وعَامَّةُ حَدِيثِهِ في أَهْلِ البَيْتِ، وَلَمْ أَرَ لِمَنْ تَكَلَّمَ في الرِّجَالِ فِيهِ كَلاَماً، وَهُوَ عِنْدِي لَيْسَ بِقَوِيٍّ، وَلاَ مِمَّنْ يُحْتَجُّ بِهِ في الحَدِيثِ "، وَقَدِ اخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِيهِ:
¥