تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وَهَكَذَا،وَتَطْلُبَ هَذَا الْشَّرْحُ مِنِّي وَقتَا طَوَيْلَاً،وَصَبْرَاً جَمِيْلَاٍ كَأَنَّنِي أَسْتَخْرِجُ الْحَيَّةَ مِنْ جُحْرِهَا.فَقَالَ لِي:مَعَ تَقْدِيْرِي لما تَقُولُ فَإِنَّ اللَّوَائِحَ تَمْنَعُ ذَلِكَ. فَأَفْهَمْتُهُ أَنَّنِي جِئْتُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيْدٍ وَيَتَعَذَّرُ عَلَيَّ أَنْ آتِيَ كُلَُّ يَوْمٍ: إِمَّا لِفَقْرِي، وإِمَّا لِإنْشِغَالِي بِكَسْبِ قُوَّتِي، وَأَنَا طَالِبُ عِلْمٍ فَيَنْبَغِي لَكَ أَنْ تُسَاعِدَنِي، وَعَبَثَاً حَاوَلْتُ, وَصَارَتْ الْمَسْأَلَةُ بَيْنِيْ وَبَيْنَهُ أَعْقَدُ مِنْ ذنَبِ الضَّبِّ. فَقُلْتُ: لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ، وَلَكِنَّكَ لَنْ تَتَحَمَّلْنِي. فَلَمْ يَرُدْ. فَقُلْتُ مُخْتَبِرَاً دَعْوَاهُ: ائْتِنِي بِالْمُعْجَمُ الْمُفَهْرِسِ لَأَلْفَاظِ الْحَدِيْثِ، وَبِالْكُتُبِ السِّتَّةِ، وَتُحْفَةِ الْأَشْرَافِ وَتَهْذِيْبِ الْتَّهْذِيبِ. فَلَمَّا سَمِعَ هَذَا مِنِّي فَغَرَ فَاهُ، وَقَالَ مُسْتَهْجِنَا طَلَبِيْ: نَعَمْ يَا أُسْتَاذُ؟! أَتُرِيْدُ هَذَا كُلَِّّهُ، اللَّوَائِحُ تَقُولُ: كِتَابٌ وَاحِدٌ، فَإِذَا انْتَهَيْتَ مِنْهُ أَتَيْتُكَ بِغَيْرِهِ، فَحَاوَلْتُ أَنْ افْهِمَْهُ أَنَّ هَذَا مُتَعَذَّرٌ جَدَّا، فَقَالَ لِي: اللَّوَائِحُ يَا أُسْتَاذُ! فَتَرَكْتُ الْمَكَانَ وَرَأْسِي تَغْلِي مِنْ الْغَيْظِ، ... وَبَعْدَ أَنْ سَكَتَ غَضَبِي قُلْتُ لِنَفْسِي: فَلأُحاوِل غَدَاً وَ رُبَّمَا وجدَتُ مُوَظَّفاً آخَر يَكُوْنُ أَهْدَىَ سَبِيْلاً مِنْ "صَاحِبِ اللَّوَائِحَ " فَلَمَّا كَانَ مِنْ الْغَدِ ذَهَبَتُ إِلَى الْمَكْتَبَةِ فَوَجَدْتُ نَفْسَ الْمُوَظَّفِ، فَانْكَسَرَتْ نَفْسِي، وَهَمَمْتُ أَنْ أُغَادِرَ الْمَكَانِ، وَلَكِنَّنِيْ تَصَبَّرْتُ، وَتَذَكَّرْتُ الْحِكَايَاتِ الَّتِي قَرَأْتُهَا فِيْ تََرَاجِمِ الْعُلَمَاءِ عَنْ الْذِّل فِي طَلَبِ الْعِلْمِ، وَمَا حَدَثَ لِهَؤُلَاءِ الْسَّادَةِ النُّّجَبَاءِ، وَقُلْتُ لِنَفْسِي:لَسْتُ أَفْضَلْ مِنْ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ، ثُمَّ إِنَّ الْذُّلَّ إِذَا اقْتَرَنَ بِالْحُبِّ صَارَ لَذَةً، فَجَرِّبْ حَظِّكَ مَعَ هَذَا الْمُوَظَّفِ مُرَّةً أُخْرَى لَعَلَّ قَلْبَهُ يَرقُّ لَكَ. فَلَمَّا اتَّجَهَتُ إِلَيْهِ غَادَرَ قَاعَةَ الْمُطَالَعَةِ وَدَخَلَ الْمَكْتَبَةَ، فَجَلَسْتُ فِيْ انْتِظَارِ خُرُوْجِهِ فَلَمْ يَخْرُجُ،وَطَالَ الْوَقْتُ، فَوَقَفْتُ عَلَىَ بَابِ الْمَكْتَبَةِ وَنَادَيْتُهُ، فَجَاءَنِي، فَقُلْتُ لَهُ: أُرِيْدُ أَنْ أَتَحَدَّثَ مَعَكَ بِصِفَتِكَ أَخِي الْأَكْبَر فَجَلَسَ , فَأَعَدْتُ عَلَيْهِ كَلَامِي بِالْأَمْسِ، وَحَكَيْتُ لَهُ بَعْضُ ظُرُوْفِي الْخَاصَّة، وَالَّتِي كَانَتْ تُبْكِي أَيّ إِنْسَانٍ يَسْتَمِعُ إِلَيْهَا، فَلَمَّا انْتَهَيْتُ مِنْ كَلَامِي فُوُجِئْتُ بِأَنَّ قَلْبَهُ رَقّ لِي، فَكِدْتُ أَنْ أُقَبِّل يَدَهُ،وَلَكِنِّي تَمَالَكْتُ نَفْسِي،وَصِرْتُ أَذْهَبُ مَرَّتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ فِي الْأُسْبُوْعِ لَأُخَرِّجَ أَحَادِيْثَ " الْمُنْتَقَى " وَ ثُمَّ وَسّعَ الْلَّهُ عَلَيّ، وَعَرَّفَنِي أَحَدُ إِخْوَانِي عَلَى مَكْتَبَة أُسْتَاذِنَا الْشَّيْخِ حَامِدٍ بِنُ إِبْرَاهِيْمَ رَحِمَهُ الْلَّهُ تَعَالَى،وَالَّتِي سَمَّاهَا:

" مَكْتَبَة الْمُصْطَفَى "، فَوَجَدْتُ هُنَاكَ بُغْيَتِي، وَصِرْتُ حَرّا، أُطَالِعُ مَا شِئْتُ مِنْ الْكُتُبِ، وَأَسْأَلُ أُسْتَاذُنَا عَنْ الْكُتُبِ الَّتِيْ تَصْلُحُ لَبَحْثِ مَسْأَلَةٍ مَا، فَيُرْشَدُنِي بِصَبْرٍ وَأَدَبٍ جَمَّ،وَرَحِمَهُ الْلَّهُ تَعَالَى وَبَارَكَ فِيْ ذُرِّيَّتِهِ، فَكَانَ مِنَ نَتِيْجَةِ هَذِهِ الْمُثَابَرَةِ تَخْرِيجِي لَكِتَابِ " الْمُنْتَقَى " وَالَّذِي سَمَّيْتُهُ: " غَوْثُ الْمَكْدُودِ بِتَخْرِيْجِ مُنْتَقَى ابْنُ الْجَارُوْدِ " وَطُبِعَ فِيْ ثَلَاثَةِ أَجْزَاءِ سُنَّةَ (1408هـ) فَالَّذِي يَنْظُرُ فِيْ تَخْرِيْجِ هَذَا الْكِتَابِ مَعَ مَا حَكَيْتُهُ، يَعْلَمُ مَا كَابَدَتْهُ فِيْ هَذَا الْتَّخْرِيْجِ آَنَذَاكَ، وَإِنْ كَانَ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير