تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال ابن حجر في الجواب المرضي عنده عن جمع الترمذي في حكمه على الاحاديث بين الحسن والصحة فيما نقله تلميذه البقاعي في النكت الوفية وغيرُه عنه كما في التعليق المشار اليه للدكتور أحمد معبد: إن الحديث اذا كان متعدد الاسناد، فالوصف راجع الى الحديث باعتبار الاسنادين أو الاسانيد، كأنه قيل: حسن بالاسناد الفلاني صحيح بالاسناد الفلاني. وإن كان الحديث فرداً فالوصف وقع بحسب اختلاف النقاد في راويه، فيرى المجتهد منهم كالترمذي بعضَهم يقول: (صدوق) مثلاً، وبعضهم يقول: (ثقة) ولا يترجح عنده قول واحد منهما، أو يترجح ولكنه أراد أن يشير الى كلام الناس فيه، فيقول: (حسن صحيح)، أي حسن عند قوم لأن راويه عندهم صدوق، صحيح عند آخرين لأن راويه عندهم ثقة؛ وهو نظير قول الفقيه: (في المسألة قولان)؛ أو بحسب تردد المجتهد نفسه في الراوي فتارة يؤديه اجتهاده – باعتبار حديثه وعرضه على حديث الحفاظ ونحو ذلك – إلى قصور ضبطه، وتارة الى تمامه، فكأنه حينئذ قال: (حسن أو صحيح)، وغايته أنه حذف كلمة (أو)، وحذفها شائع في كلامهم».

وقال ابن الصلاح في مقدمته (ص33 - 34) في تعريف الحديث الحسن لذاته: «أن يكون راويه من المشهورين بالصدق والامانة، غير أنه لم يبلغ درجة رجال الصحيح، لكونه يقصر عنهم في الحفظ والاتقان، وهو مع ذلك يرتفع عن حال من يعد ما ينفرد به من حديثه منكراً، ويعتبر في كل هذا مع سلامة الحديث من أن يكون شاذاً ومنكراً سلامته من أن يكون معللاً؛ وعلى هذا القسم يتنزل كلام الخطابي» يعني في تعريفه الحديث الحسن (7).

قلت: وعبارة ابن حجر هذه التي في التقريب تشبه عبارة ابن الصلاح هذه وتشبه ايضا عبارة النخبة المتقدم نقلها مما يؤيد أن ابن حجر يحكم على أحاديث أهل هذه المرتبة بالحسن لا بغيره.

وقال عبد الفتاح أبو غدة في تعليقه على قواعد التهانوي (ص245): «وقد حكم العلماء المحدثون بحسن حديث من قيل فيه أحد هذه الصفات [يعني المذكورة في هذه المرتبة الرابعة] كما تراه منتشرا في نصب الراية وفتح الباري ونيل الأوطار وغيرها من الكتب التي تعنى بالتخريج وبيان مراتب الحديث».

وقال العلامة أحمد محمد شاكر رحمه الله تعالى في (الباعث الحثيث) (ص106) في الراوي الذي من هذه المرتبة: «حديثه صحيح من الدرجة الثانية، وهو الذي يحسنه الترمذي ويسكت عليه أبو داود».

ولكن مما يؤخذ على هذا الذي قاله الشيخ أحمد شاكر هو أن حكم حديث الرواة من هذه المرتبة عند ابن حجر أعلى في الجملة من تحسين الترمذي ومن سكوت أبي داود، فإن الاول حسن أحاديث واهية وضعيفة وحسنة وصحيحة، والثاني سكت على أحاديث حسنة وضعيفة وضعيفة جداً.

هذا واعلم أن التحقيق الذي غاب عن أكثر المتأخرين والمعاصرين هو أن الراوي الذي يوصف بأنه صدوق أو محله الصدق أو لا بأس به أو حسن الحديث لا ينبغي التسرع في الاحتجاج به قبل التثبت والتأني والنظر في القرائن ونحوها.

قال ابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل) (1/ 1/37) في شرح بعض مصطلحات المحدثين: «ووجدت الألفاظ في الجرح والتعديل على مراتب شتى؛ واذا قيل للواحد انه ثقة أو متقن ثبت فهو ممن يحتج بحديثه؛ واذا قيل له انه صدوق أو محله الصدق أو لا بأس به فهو ممن يكتب حديثه وينظر فيه؛ وهي المنزلة الثانية».

فقال ابن الصلاح (ص134 - طبعة الطباخ) في شرح الفقرة الثانية من كلام ابن أبي حاتم: «قلت: هذا كما قال لأن هذه العبارات لا تشعر بشريطة الضبط، فينظر في حديثه ويختبر حتى يعرف ضبطه؛ وقد تقدم بيان طريقه في أول هذا النوع، وان لم يستوف النظر المعرف لكون ذلك المحدث في نفسه ضابطاً مطلقاً واحتجنا الى حديث من حديثه اعتبرنا ذلك الحديث ونظرنا هل له أصل من رواية غيره كما تقدم بيان طريق الاعتبار في النوع الخامس عشر».

وهذا الكلام من ابن الصلاح لا أعلم أنه تعقبه عليه أحد من العلماء المحققين، بل أقره عليه – من الناحية النظرية - الذهبي والعراقي وابن الملقن والبلقيني والسخاوي والسيوطي وغيرهم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير