تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال عبد الله بن يوسف الجديع في تعليقه على (المقنع) لابن الملقن في شرح عبارة ابن الصلاح هذه عندما نقلها ابن الملقن (1/ 282 - 283) ما نصه: «هذا هو التحقيق الذي يرتضيه أصحاب الفهم السليم لخفايا هذا العلم، فإن الناقد العارف حين ينزل بوصف الراوي عن (ثقة) فيقول: (صدوق) لم ينزل الا لمعنى أراده، وهذا المعنى يعود الى ضبطه واتقانه، فكأنه يقول: (هو صدوق وليس هو بالمتقن وليس حديثه كحديث الثقات)؛ وهذا الموضع هو الذي يتنازع فيه النقاد بين القبول والرد ويعمل فيه التعصب عند غيرهم عمله، والا فإن الحافظ الناقد أبا محمد بن أبي حاتم حين قال في الراوي الصدوق وشبهه: (يكتب حديثه وينظر فيه) انما استفاد ذلك من ألفاظ الأئمة أهل الشأن، والواقع يؤيد ذلك، فإن الراوي الموصوف بمثل هذا الوصف لا يسلم غالباً من لين وخطأ في حديثه، أو يكون قليل الحديث ليس بالمشهور، مما يثير شبهة في نقله تحتاج الى احتياط بالغ وتحرٍّ شديد للخلوص الى تقوية حديثه وتجويده؛ وكذلك المعقول الصحيح يوافق هذا ويؤيده، فالصدوق إن اعتبرنا حديثه فلم نجده تفرد بأصل وروى ما رواه الثقات وقل إغرابه بالاسانيد والمتون حسّنا حديثه وجودناه، وهذا في كل حديث بعينه، وإن وجدناه تفرد بأصل كحكم لا يأتي الا من طريقه قلنا: أين ثقات الأمة وأئمتها من طبقته عن حفظ هذا الأصل ونقله ليتفرد به صدوق دونهم؟ قال الحافظ الذهبي في الميزان (3/ 140) (ترجمة علي بن المديني): (وإنَّ تَفَرُّدَ الثقة المتقن يعد صحيحاً غريباً، وإنَّ تفرد الصدوق ومن دونه يعد منكراً، وإنَّ اكثار الراوي من الاحاديث التي لا يوافق عليها لفظاً أو اسناداً يصيّره متروك الحديث)؛ قلت: ولو تأملت كتاب الضعفاء للعقيلي أو كامل ابن عدي أو ميزان الذهبي وما أودع فيها مما ينكر على رواتها من الحديث مع وصف الكثيرين منهم بالصدق لقام لك البرهان جلياً على صحة ما ذكرت لك، فكن يقظاً لذلك، واعلم أن الحديث الحسن الذي يساوي الصحيح في الاحتجاج به هو ما نتج الحكم بحسنه عن سبر وتأمل، لا بمجرد النظر الى ظاهر الاسناد كما هو صنيع كثير من المنتسبين لهذا العلم الشريف» إ. هـ وهو كلام مستقيم وتنبيه نفيس.

تنبيه: من المذاهب التي شذ فيها الدكتور وليد العاني رحمه الله في كتابه (منهج دراسة الاسانيد والحكم عليها) عن جمهور المتأخرين والمعاصرين ـ وما أكثرها فيه ـ قوله فيه (ص127): «لا فرق بين الصدوق والثقة» وتصريحه في موضع آخر منه بأن ابن حجر يحكم على حديث الصدوق بالصحة لا بالحسن؛ واستدل على ذلك بأدلة فيها نظر سوى قوله (ص154) فإنه جدير بأن ينظر فيه فقد قال هناك: «والذي يجب التنبيه اليه هنا هو أنني من خلال تتبعي للأحكام التي حكم بها ابن حجر على أحاديث هذه المرتبة لم أجد راوياً من هذه المرتبة حسن له، سوى راو واحد حسن له مرة وصحح له مرة، وهو بهز بن حكيم»، ثم ذكر أنه عندما اقتصر على التحسين دون التصحيح كان يراعي خلاف العلماء في سماع بهز من أبيه.

قلت: وهذه الدعوى تخالف ما ادعاه عبد الفتاح أبو غدة، فان كانت مبنية على استقراء تام أو واسع كاف لم تصح دعوى عبد الفتاح أبو غدة؛ وانظر تعليق الدكتور أحمد معبد على النفح الشذي (1/ 253 - 255) (8).

**************

المرتبة الخامسة

قال رحمه الله: «الخامسة: من قصر عن الرابعة قليلا، واليه الاشارة بـ (صدوق سيء الحفظ) أو (صدوق يهم أو له أوهام أو يخطئ أو تغير بأخرة)، ويلتحق بذلك من رمي بنوع من البدعة كالتشيع والقدر والنصب والارجاء والتجهم مع بيان الداعية من غيره».

اختلف العلماء والباحثون في حكم هذه المرتبة عند ابن حجر، قال تلميذه البقاعي في النكت الوفية (73ب) ان هذه المرتبة ليس بينها وبين من يقول فيه شيخه ابن حجر: (ثقة) أو (ثبت) الا مرتبة واحدة، ثم قال: «وحديث هذا الضرب حسن لذاته».

وقال العلامة أحمد محمد شاكر في الباعث الحثيث (ص106) بعد أن ذكر المرتبة الرابعة السابقة في أثناء بيانه أحكام مراتب التقريب: «وما بعدها فمن المردود الا اذا تعددت طرقه مما كان من الدرجة الخامسة والسادسة فيتقوى بذلك ويصير حسنا لغيره» (9).

وقال عبد الفتاح أبو غدة في تعليقه على قواعد التهانوي (ص246) عقب نقله البيان المشار اليه: «وهو تبيين سديد للغاية».

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير