فقال لها رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: " أرضعيه خمس رضاعات فيحرم بلبنها: وكانت تراه ابنا من الرضاعة، فأخذت بذلك عائشة أم المؤمنين فيمن كانت تحب أن يدخل عليها من الرجال، فكانت تأمر أختها أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق وبنات أخيها أن يرضعن من أحببن أن يدخل عليهن من الرجال ".
وأبى سائر أزواج النبي – صلى الله عليه وسلم – ن يدخل عليهن بتلك الرضاعة أحد من الناس، وقلن: " لا والله ما نرى الذي أمر به رسول الله – صلى الله عليه وسلم – سهلة بنت سهيل إلا رخصة من رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في رضاعة سالم وحده، لا والله لا يدخل علينا بهذه الرضاعة أحد، فعلى هذا كان أزواج النبي – صلى الله عليه وسلم – في رضاعة الكبير ". الموطأ كتاب الرضاعة 12.
هنا عندما تترك سائر أزواج النبي – صلى الله عليه وسلم – العمل على هذا الحديث لم تقل واحدة منهن: هذا رأيها، وأنها تخالف ما جاء عن النبي – صلى الله عليه وسلم – بل كان فهمهن أن هذه القضية خاصة كانت لسهلة بنت سهيل فقط، وليس حكما عاما لكافة المسلمين، بينما رأت أم المؤمنين عائشة أنها قاعدة عامة، وليست خاصة.
إذن في تطبيق الأحاديث النبوية والآثار المصطفوية يختلف العلماء، وكل يجتهد أن يتبع النبي – صلى الله عليه وسلم – بأفضل طريق يمكن إتباعه، وقد يكون مسلم عادي يخالف ما جاء عن النبي – صلى الله عليه وسلم – بل يخالف ما جاء في كتاب الله، ولكنه عندما يخالف يعترف بضعفه، وانسياقه وراء الشهوات، ويطمع في رحمة به، ويسأله العفو والغفران.
أما أن يأتي رجل أو عالم من العلماء الكبار ثم يزعم بأنه يخالف ما جاء في القرآن الكريم أو في السنة النبوية مخالفة صريحة مرجحا رأيه فهذا هو الخذلان الأكبر، المخرج من ملة الإسلام، ولا يقول به مسلم عادي فضلا عن الفقهاء.
ولا يمكن فهم هذا بمجرد معرفة اللغة العربية لأنه بعيد عن روح المجتمع الإسلامي وجاهل بأحاسيسه.
لكن يا ترى هل استدلال موراني بكلام ابن عبدوس: " إن فهم مسألة فقهية هامة يعدّ ذا مرتبة أعلى من معرفة أسماء أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم – يدلّ على ترجيح الرأي على الأثر بالأحرى على الأحاديث النبوية؟
مما لا شك فيه أن الأستاذ موراني قرأ ترتيب المدارك بكامله بالإمعان، ولا أدري لمَ غفل عن النص الآتي؟
قال حمّاس: " كان ابن عبدوس يلقي علينا المسائل، فإذا أشكلت شرحها، فلا يزال يفسرها حتى نفقهها، فيُسر بذلك، وإن لم يرنا فهمناها غمّه.
قال ابن لقمان: بلغ ابن عبدوس أن محمد بن سحنون قال يوما: يتكلمون في الفقه، ولعل أحدهم لو سئل عن اسم أبي هريرة ما عرفه، فكان ابن عبدوس ربما قال للرجل من أصحابه: افهم هذه المسألة فإنها أنفع لك من معرفة اسم أبي هريرة، وفي رواية عن حماس: هذا أحب إليّ من معرفة اسم أبي سعيد الخدري، تعريضا بابن سحنون لعلمه بالرجال " المدارك 3/ 120 - 121.
فالنص واضح وصريح، ويوضح أن فيه تعريضا بمحمد بن سحنون الذي كان قد هاجمه من قبل لتدريسه الفقه، فالاستدلال من هذه الحادثة على معارضة ابن عبدوس الأثر، وما ورد عن النبي – صلى الله عليه وسلم – هو نتيجة تفكير خصب [كذا] سقيم للوصول إلى نتيجة مطلوبة.
وحتى لو لم يكن هناك تعريض بابن سحنون،؛ فكلام ابن عبدوس في محله، لأن هناك عشرات الأقوال في اسم أبي هريرة، والأمة الإسلامية من عهد النبي – صلى الله عليه وسلم – حتى الآن تذكره باسم أبي هريرة، ومادام الناس اختلفوا في اسمه اختلافا كبيرا فيتعذر الوصول إلى الحقيقة، ومنزلة أبي هريرة عند المسلمين هي في ذاته، وأنه من كبار الصحابة في مجال العلم، وراو لأكبر عدد من الأحاديث النبوية، فأيا كان اسمه لا يؤثر في مروياته بشئ، لذلك فإن معرفة اسمه أو عدم معرفته سيان).
ـ[المستشرق موراني]ــــــــ[30 - 01 - 06, 02:58 م]ـ
كما أفهم ما جاء أعلاه تركتم ساحة ابن أبي أويس ...... الذي وضع الحديث في حالة الاختلاف كما وضعه غيره.
أما ابن عبدوس واعتماده على فهم المسألة الفقهية فلا يشك في ذلك أحد.
فلم يفتني المنافسة والخلاف الذي وقع بين ابن عبدوس وابن سحنون في هذه المسألة وأيضا في مسألة الايمان. كما لم يفتني انّ ابن سحنون قد اعتمد على السير للشيباني عند معاملته عدة مسائل في السير , وكله رأي.
التيار معروف وواضح: عدم (اتهام) المالكيين باعتمادهم على الرأي.
فلينظر صاحب هذا التيار في المدونة والمختلطة لكي يرى سيادة الآراء الفقهية فيهما وفي غيرهما من كتب الفقه المالكي في طبيعة الحال.
الا أنّ نقطة الانطلاق كان اعتراف ابن أبي أويس بوضعه الحديث. وهذا الأمر لم يزل قائما.
بكثرة الكلام تغطون على ما كان يجوز أن تتركزوا عليه.
كانت الصيحة في البداية كبيرة فلم أتلق بعدها ما يستفيد منه القاريء
ـ[المستشرق موراني]ــــــــ[30 - 01 - 06, 06:49 م]ـ
لا تبذل جهدك ههنا:
فأين تجد في كتب الطبقات والتراجم أن الإمام مالكا عم ابن أبي أويس؟
بل لك أن تفهم شيئا لا تعلمه: جاء في الترجمة العربية (عمّ)
في الأصل الالماني: Onkel
اللغة الالمانية لا تميز بين عم وخال. فكما سبق لي أن قلت ان الترجمة خيانة أدبية على الكتاب كما عبر عن ذلك أحد المغاربة قبل أعوام ....
هل تستريح الآن من هذا الخطأ الهائل؟
وبعد ذلك: تقول:
ثم تأتي وتكرر مسألة الخطأ في تقدير سنة وفاة ابن أبي أويس
لا, سنة المولد! وله أهمية لتحديد العصر على وجه التقدير الذي وضع فيه الحديث.
¥