ـ[محمد الأمين]ــــــــ[02 - 02 - 06, 08:30 ص]ـ
محمد الأمين , لقد سقت كلامك حول منهجية البخاري حول روايته عّمن يسمى ضعيفا مثل ابن أبي أويس لكي تقول في آخر كلامك:
لكن معنى عبارة إسماعيل هي غير ما تبادر لذهن النسائي. قال الدكتور الأعظمي: «قصده: أضع لهم مصنَّفًا في ذلك، أو أضع الحديث بينهم، أي أخبرهم به».
الأعظمي يرى أنّ معنى (وضع الحديث): كتبه وصنفه ووضعه في كتبه. وهذا غير صحيح
وهذا القول من الأعظمي مرفوض عندي. ان كان الأمر كما يزعمه لما كان لقول ابن حجر معنى (ثم انصلح) ولم يكن للنسائي داع لتضعيفه أو تجنب أحاديثه
موراني
تفسير الأعظمي لعبارة إسماعيل لا إشكال فيها باللغة. لكن صارت هذه الكلمة "الوضع" تستعمل بالمعنى الاصطلاحي المعروف الآن، ولا يظهر أن هذا مقصود إسماعيل. والنسائي لم يجزم بمقصود إسماعيل. ومع أنه رأى في أحاديثه تخاليط نجمت عن غفلته، فهو لم يجزم بتكذيب إسماعيل، فوصفه بأنه: «ضعيف». و: «ليس بثقة». . وهذا الاصطلاح الأخير فيه جرح شديد يطلق عادة على من يكذب، لكن قد يستعمل مع الصدوق المخلط كذلك. وهذه القصة لم يحدث بها النسائي إلا لأحد تلاميذه المقربين على تردد، لخوفه من أن يكون قد ظلم ابن أبي أويس.
وبالطبع فالنسائي ليس مالكياً حتى يحابي إسماعيل! بل هو -كجمهور أهل الحديث- قريب من مذهب الشافعي. أما قول ابن حجر "و لعل هذا كان من إسماعيل في شبيبته، ثم انصلح" فهو مبني على الظن فقط، كما يدل عليه قوله "ولعل".
أما لماذا أجزم بأنك أخطأت بفهم العبارة -رغم أنها محتملة- فلقرائن عديدة ذكرت بعضها في موضوعي السابق. منها أن البخاري -أمير المؤمنين في الحديث- قد احتج به. ومعرفته به أقوى بكثير من معرفة النسائي، لأنه اجتمع به وأخذ من أصوله وشاهد أحواله. ومنها أن إسماعيل كان شديد الحرص على أن يقبل المحدثين حديثه، كما في قصته مع البخاري. وقد رآى ما حصل معه من تخليط في الحديث فطلب من البخاري أن ينتقي له صحيح حديث (وهذا من علامات صدقه). أفبعد هذا تتصور أن يقول متبجحاً أمام الناس أنه يكذب في الحديث؟!! أين تحليلاتك العقلية يا دكتور؟
ـ[حارث همام]ــــــــ[02 - 02 - 06, 10:07 ص]ـ
الدكتور المكرم مورني وفقه الله ..
أعجب -وحق لي أن أعجب وأنتم تدعون إلى مدرسة شوملية لها حظها من النظر والتحليل والمقارنة عندما أرك تجمد على ظاهر عبارة ابن أبي أويس. ولي أسئلة أرجو أن تنال جواباً منصفاً وأرجو أن يتضح بها مقصود الإمام النسائي رحمه الله من ذكر الخبر.
- تعلمون أن النسائي يضعف ابن أبي أويس وقال مرة ليس بثقة، فهل هذه العبارات ولاسيما العبارة الأخيرة، هي العبارات التي يطلقها من يرم آخراً بوضع الحديث والكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
انظر مثلاً قوله في معلى بن هلال، ماذا قال فيه عندما اتهم بالوضع.
- تعلمون أن ابن أبي أويس -يرحمه الله- يحكى عنه ولاسيما أول أمره طيش وخفة، حتى قال ابن معين: ضعيف العقل، وقال الإسماعيلي: كان ينسب فى الخفة و الطيش إلى ما أكره ذكره، وقد علق الذهبي على بعض كلام ابن أبي أويس قائلاً: "قلت هذه سخافة عقل واضحة"، ولاشك أن عبارة ابن أبي أويس لم تكن منضبطة في ذلك الموطن الذي علق فيه العبارة التي ذكرها النسائي رحمه الله، فهل يستغرب من مثل من كانت هذه حاله أن يعبر بتعبير محتمل قد يسبق إلى ذهن قارئه شر؟
أظن أن مثله قد يفعل هذا، ولهذا ضعفه النسائي، ولم يحكم بوضعه الحديث، لأنه لمس في عبارته المنقولة سوء تعبير وشيء من سخف قد ينم عن حاله، لا لأجل أنه حمل عباراته على المعنى العرفي أو الاصطلاحي الجاري -إن ثبت جريانه في عصرهم.
وأنت تعلم أن الحكم بالوضع حكم أخص من الحكم بالضعف، فإذا قلوا: وضاع فهو ضعيف، ولكن لا يلزم أن يكون الضعيف وضاعاً في اعتقاد الإمام.
وما ثبت عن الإمام هو حكمه عليه -رغم هذه القصة- بالضعف أو عبارة ألين من هذه وهي قوله: ليس بثقة.
فإذا تبين أن مراد النسائي هو تضعيفه فإن النسائي أحد أئمة الشأن وقد كانت في شرطه في الرجال ونقده لهم شدة.
وقد خالفه في هذا الحكم غيره من أهل العلم.
أفلا يقتضي المنهج التحليلي المقارن أن تتبع حديث الرجل ليستبين لك حكمه بجلاء؟ وأن تقرأ عبارة النسائي وتفهم مراده وفق حكمه عليه؟
وقد حكم عليه من المتتبعين للحديث أبو حاتم وهو من المتشددين في نقد الرجال فحكم عليه بأنه صدوق ...
وقال بعض المشايخ البحاثين المعاصرين أنه تتبع حديثه فوجده مستقيم في الجملة.
ولهذا قال الذهبي:
استقر الأمر على توثيقه وتجنب ما ينكر له.
قلت ولعل هذا ما أوحى للحافظ ابن حجر أن يقول قولته: "لعل هذا كان من إسماعيل فى شبيبته ثم انصلح" فاستقرار الأمر على قبوله يشعر بهذا.
ولا يخفى -أيها الأستاذ- أن بعضهم وصف ابن أبي أويس بالكذب والوضع ولكن هؤلاء عارضوا أقوال أئمة الشأن الكبار الذين هم أعلم به، اللهم إلاّ ما أثر في لفظ عن ابن معين فيه رميه بالكذب ومراده الخطأ يتضح هذا من سياق الكلام، الذي جاءت فيه (مخلط يكذب؛ أي يخطئ) ويوضح هذا أقواله الأخرى الثابتة عنه في ابن أبي أويس.
ثم إن هؤلاء الذين رموه بالكذب والوضع ليست معهم حجة اللهم إلاّ خطؤه وغفلته ولا يوصف المخطئ بالوضع.
أما العبارة المنقولة عن النسائي فلعله يظهر للمنصف من سياقها ورأي الرجل فيه وحال الرجل أنه لم يرد بها الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي أعلى أحوالها هي محتملة كما بين الشيخ الكريم الكاتب بلقب الفهم الصحيح في انتصاره لأن المراد أصل وضعها اللغويو قد بينه، وقد جاءت نصوص الأئمة مبينة للصحيح من طرفي هذا الاحتمال.
فلا أدري ما هو وجه الجمود على طرف احتمال لعبارة بعد ذلك؟
¥