تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

التشهد! وهو رآه كذلك! ولكن: (فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور)!

أما رواية عبد الرحمن بن بشر عن أبي مسعود الأنصاري مرفوعا رقم (13 ط. مدريد) في كتاب ابن بشكوال فتُردّ على الحميري من أوجه:

فالمتوسط في الحديث يعلم أن من المعيب الإحالة على الأدنى مع وجود الأعلى في التخريج! فما عذر دكتور الحديث (!) الحميري وقد عزاه لابن بشكوال المتأخر والحديث في أحد الأصول الستة؟ فقد رواه النسائي في المجتبى (3/ 47) وفي الكبرى (1210 و9795) بسند البزار -الذي روى ابن بشكوال من طريقه ولم ينبه الحميري! - كما رواه الطبراني في المعجم الكبير (17/ 250 رقم 696) أيضاً، وهو أقدم من ابن بشكوال، ورواه المزي في التهذيب (16/ 550) من طريق الطبراني.

ثم إن النسائي أورد الحديث في أبواب التشهد في الصلاة، وكذا عدَّ الأئمة أصل الحديث (من غير هذه الطريق) في الصلاة كذلك، منهم: مسلم (405 أورده في كتاب الصلاة، وبوّب الشارح له بالتشهد)، وأبو داود (980)، ومالك (1/ 165)، والشافعي (كما في المحلى 4/ 136 والمعرفة للبيهقي 3/ 66)، وعبد الرزاق في مصنفه الحقيقي! (2/ 212)، والدارمي (1349)، وابن خزيمة (711)، وابن حبان (1959)، والدارقطني (354)، والحاكم (1/ 268)، والبيهقي (2/ 146 و378)، والضياء في السنن والأحكام (2/ 113)، وغيرهم.

بل ورد في بعض طرقه:"فكيف نصلي عليك إذا نحن صلينا في صلاتنا"؟

وأما حديث كعب بن عجرة فالتبويب عليه كذلك.

فللقارئ الاختيار بين ما فهمه الأئمة ممن سمّيت وغيرهم، أو ما فهم الجاهل الحميري!

وأما تصحيح الحميري لسند هذا الحديث وسند الذي في البخاري (!) فيُقال له مجدداً من حيث التأصيل: ليس هذا عشك فادرجي! وكفاك خوضاً فيما تجهل.

ومن جهة التفصيل فحديث أبي مسعود لا يصح أن يُطلق على سنده الصحة، فإن عبد الرحمن بن بشر إنما ذكره ابن حبان في الثقات، وكان قليل الرواية، ولهذا قال عنه ابن حجر: مقبول، أي إذا لم يُتابَع فليّن، وقال الذهبي في الكاشف: صدوق، فأقصى ما يمكن أن يقال عن السند إنه حسن من حيث الظاهر.

ولكن من جهة الباطن فإن الحديث معلول بالإرسال، وأعله بذلك البزار -ويُفترض أن الحميري رأى كلامه في كتاب ابن بشكوال، ولا يُفترض علمه بأنه للبزار أو فهمه- وكذا أعله بذلك النسائي في الكبرى، والدارقطني في العلل (6/ 184)، وهكذا رواه إسماعيل القاضي (71 - 73) من طرق أقوى.

وبعد الانتهاء من تبديد جهالات الحميري عاد الأمرُ كما قلتُ من كونه غير مشهور عن الصحابة والصدر الأول خارج التشهد! وعلم القراء أن الحميري أولى بعبارته: [دعوى المعترض ضرب من الباطل وجهل بيّن]! وأنه أثبت على نفسه ما نفاه بقوله: [أما عن اعتراضه على تخريجاتي الحديثية فتخريجاتي الحديثية على الأصول المعروفة في هذا الفن، ولا ينكرها إلا جاهل أحمق، ويصدق عليه المثل العربي: ((ليس هذا عشك فادرجي))!!] وظهر بأن الهاء في [عليه] الأخيرة زائدة، وبحذفها وتشديد الياء يستقيم المعنى!

*قال الحميري: [إن كثيرًا من كتب السنة المشرفة وغيرها والتي طبعت في أوائل وأواسط القرن الرابع عشر بالمطبعة الأميرية بمصر لم تعرف أصولها.]

قلت: ترددت هل أذكر هذه النقطة هنا أو في فصل الكذب، لكن يظهر أن هذا الجاهل المتعالم يسمع الكلمة كقرقرة الدجاجة ثم يزيد عليها ما شاء الله له وينشرها على أنها معلومة موثقة!

فقد سمع أن بعض الطابعين القدماء كانوا يُتلفون أصل الكتاب بعد طبعه في مصر، أو سمع أن أصل بعض هذه المطبوعات غير مشتهر في خزائن المخطوطات الكبرى، فجاء وأطلق الكلام في كتب السنّة المشرفة، وعطف عليها غيرها، وحدد المكان في المطبعة الأميرية (ببولاق)، والزمان أوائل وأواسط القرن الرابع عشر.

ولكي يستفيد القارئ هنا فإن المطبعة الأميرية أنشأها محمد علي باشا لطبع ما يحتاجه الجيش من كتب وقوانين فقط، وظل إنتاجها قليلا جداً ومخصصا لما سبق، ثم دخل نظام آخر في الطبع (وهو الالتزام) حيث يتم الطبع على نفقة الأهالي، ولكن بنظام معقد ومكلف وطويل وشاق، وظلت الكتب الشرعية نادرة الطبع مدة طويلة في هذه المطبعة، كما يُعرف من كتاب "تاريخ مطبعة بولاق" المطبوع فيها من بضع وستين سنة، وخلال تاريخها الطويل فإن طبعها لكتب السنة المشرفة يعد عدًّا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير