تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وإنني أتحدى الحميري الذي يملك المخطوط ويدعي سلامته من التزوير أن يعرضه على مركز الملك فيصل بالرياض للمخطوطات، وهو مركز متخصص موثوق، وعنده أجهزة وخبرات جيدة، وأقام منذ فترة قريبة دورة متخصصة لكشف تزوير المخطوطات، وأعلم سلفاً أن الحميري لا يملك الجرأة على الموافقة، لأنه يعلم النتيجة من الآن! ولهذا اكتفى بما ادعاه من شهادة مبهمي ومجاهيل الأفغان وكتم شهادة ذوي الخبرة والشان!

وقارن بين ما سبق وبين قول الحميري: [ما صرحنا به في المقدمة من ترجيحنا لكون المخطوط منقولاً عن الأصل الذي كتب في القرن العاشر، ومع ذلك فإن خطه يشبه بعض خطوط القرن العاشر، وهذا ما رأيناه في مخطوطات مشابهة، وأتينا بصور لها بعد أن أثبتناها في مقدمة التحقيق].

فأقول: تقدم بيان كذبه العمد الصريح في ادعائه ذكر المخطوط الأصل والنقل منه في مقدمة تحقيقه، وأن ذلك لم يكن، فضلا عن الدراسة والترجيح، لكني أتوقف هنا عند النقطة الثانية، في قوله إن مخطوطه الأصل (الذي صار فجأة بقدرة قادر منسوخاً عن الأصل هنا!) يُشبه خطوط القرن العاشر، فهنا يضطرب الحميري في التوفيق بين ثباته على ما نافح عنه من أن ما بين يديه كتب في القرن العاشر جزماً، وبين أنه منسوخ عن القرن العاشر ويشبه خطه، ومرة أن كُتب قبل ولادته جزماً، وهو دون الثلاثمائة جزما!! ومرة أن عمر الورق لا يقل عن ثلاثمائة سنة بشهادة مجاهيل الأفغان، ثم أورد وثيقة تكذّبه بخط ثقته جالب النسخة وفيها: [وقد قرر أهل العلم من أهل الاختصاص هناك أن الورق الذي كتبت به المخطوطتان يرجع عمرهما إلى مائة وخمسين سنة تقريباً، وأن هذا الورق اختفى منذ سنين عديدة في تلك المناطق وما جاورها]، فانظر إلى الكذابين كيف يضطربون ويفضح بعضهم بعضاً!

*قال الحميري: [زعم المعترض بأنه لم يرد في لغة العرب (أنورهم لوناً) وأنها أعجمية بحتة!. وأرجو من القارئ الكريم أن يفتح كتاب لسان العرب ليرى كلمة (أنور)، فقد نقل صاحب لسان العرب 5/ 242 عن هذه الكلمة ما نصه: (وفي صفة النبي صلى الله عليه وسلم: أنور المتجرد أي نير الجسم. يقال للحسن المشرق اللون: أنور، وهو أفعل من النور) اهـ]

قلت: الحميري يدور في صنيعه هذا بين الجهل والتدليس الخبيث، فعبارتي في الرد كانت: [وأنورهم لوناً". هذه الصيغة ليست عربية! فاسألوا عنها بريلوية الهند!]، فأنا أتكلم عن (صيغة)، وليس (كلمة) كما حرّف الحميري، فإن كان فهم العبارة -كما يُفترض أن يفهمها العرب! - وأحال على اللسان فقد دلّس بذلك تدليساً خبيثاً، وإن كان لم يفهم فيكون رد بجهل كالعادة، وتأثر بما بين يديه من عجمة! واستشهد بما هو حجة عليه، فقد نص في اللسان أن (أنور) من وزن (أفعل)، وجاء في مصنف الحميري على صيغة التفضيل: (أحسنهم وجها وأنورهم لونا)، فيا حميري راجع كتب اللغة وستجد أنهم منعوا التفضيل من (أنور) التي عندك، ومثلها (أعور) فلا يقال فلان أعور من فلان، ولا فلان هو أعور القوم، وسأدلك على مرجع سهل الفهم قريب:

فقال شيخنا العلامة اللغوي عبد الغني الدقر -رحمه الله- في معجم القواعد العربية (ص35 ط2): [لا يُصاغ اسم التفضيل .. مما الوصف منه على (أَفْعَل) الذي مؤنثه (فَعْلاء) وذلك فيما دلَّ على لون أو عيب أو حِلْية، لأن الصفة المشبّهة تُبنى من هذه الأفعال على وزن (أَفْعل)، فلو بُني التفضيل منها لالتبس بها، وشذّ قولهم: هو أسود من مُقلة الظبي، ويُتوصل إلى تفضيل ما فقد الشروط بـ (أشدّ) أو (أكثر) أو مثل ذلك]. انتهى المراد منه.

والآن بعد أن فهمت -أرجو- فهل سترد على هذا الأمر أم ستسلِّم بالعجمة مع كتم الاعتراف كما فعلت في كلمات وصيغ أخرى واضحة؟

وأما ما أورده بعض من انتصر للحميري بالباطل من مجيء الصيغة في حديث رواه أبونعيم (2/ 181) والبيهقي (1/ 298) كلاهما الدلائل وغيرهما من حديث عائشة: فهو استدلال باطل، لأن الحديث منكر واه، وطعن فيه البيهقي وابن كثير في تاريخه (6/ 34) والعراقي في تخريج الإحياء (2535)، وقد تفرد به صَبيح بن عبد الله الفرغاني عن سند مشهور مع تأخر طبقته، وقال عنه عبد الغني الأزدي: منكر الحديث. وقال البيهقي: ليس بالمعروف. وقال الخطيب: صاحب مناكير.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير