تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وكذلك وجود طرقٍ لا تُعرف -لأحاديث معروفة- في سائر كتب الحديث إلا في جزئه، وهي بينة التركيب والانقطاع يقول: إن كتب الرواية طافحة برواية المراسيل والمنقطعات، وأنه يلزم باعتراضي إسقاط معظم كتب السنة!! وكأنني كنت أتكلم عن تضعيف مفردات الأسانيد لا الجزء برمّته!

فكل هذه الأمور قياسات جاهلة لجزئه على كتب السنة، وهو لم يفهم أصل اعتراضي حتى يردّ عليه، فهناك فروق عظيمة بين الكتب الحقيقية وبين جزئه المزوّر، تقدّمت الإشارة إلى بعضها، حتى تلك الأحاديث الموضوعة تكون في الغالب موجودة ومروية في مصادر أخرى، وهي معروفة عند الحفاظ وتجد لهم كلاما ونقداً للراوي والمروي، في مثل الميزان واللسان، فضلاً عن كتب الموضوعات والواهيات، أما الضعاف والمناكير المتقدمة فالنصوص فيها أكثر، والمخرجين لها من الوجه ذاته أكثر، والحفاظ يعرفونها على ما فيها، فهل نجد مثل ذلك في موضوعات جزء الحميري التي ليس لها أصل البتة؟ وفيه ما لم يره الحفاظ يقينا على مدى الدهر؟

* ومن تلبيسات الحميري وجهله قوله: [وأما زعم المعترض بتأثر الرواة بالأحزاب الصوفية فانظر حديث (87) من كتاب ابن بشكوال في صلاة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام: ((اللهم داحي المدحوات وبارئ المسموكات، وجبار القلوب على فطرتها، شقيها وسعيدها، اجعل شرائف صلواتك ونوامي بركاتك ورأفة تحننك على محمد صلى الله عليه وسلم عبدك ورسولك الخاتم لما سبق، والفاتح لما أغلق، والمعلن الحق بالحق، والدامغ جيشات الأباطيل كما حمل، فاضطلع بأمرك لطاعتك مستوفزًا في مرضاتك بغير نكل في قوم ولا وهي في عزم، واعياً لواجبك حافظا لعهدك ... )) الحديث، وهو عند الطبراني في الأوسط (9089)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (الجزء المفقود المطبوع، برقم 352) وغيرهم. فما قولك بعد هذا؟ هل هذه الألفاظ صوفية منقولة من دلائل الخيرات؟ أم هي دعاوى بثها المعترض؟!]

فالجواب عن هذا من وجين:

الأول أن الحميري يحاول صرف أنظار الناس عن أحد أهم مصادر جزئه -وهو دلائل الخيرات للجزولي- بأن يأتي بأحاديث وصيغ ليست في جزئه، وربما ليست في الدلائل أيضا، وهذه لا علاقة لها ببحثنا إطلاقا، نحن نتكلم عن أحاديث مصنف الحميري تحديداً ولا علينا من غيره، وبهذا يُجاب عما أورده أيضا عن علي القاري من أمور خارجة في موضع البحث أصلا! وهذا التلبيس لا أراه إلا لصرف أعين الجهلة المخدوعين فيه من مسألتنا إلى سواها، وأن يُظهر نفسه أمامهم صاحب حجة، ولو كان خارج السياق!

فأما مسألتنا: فقد أثبتُّ في ردي الأول أن ستة آثار من الجزء ساقها واضع الجزء بحروفها تقريبا من دلائل الخيرات، ولم أُلق القول جزافا، بل حددت أماكنها في الدلائل، بل الحميري نفسه أشار لذلك في حاشية تحقيقه قبل أن يحاول التنصل من تلك الفضيحة هنا! وذكرت كذلك أن هذه الآثار لا أصل لها البتة، وأتحدى أن يخرّجها نفسها من كتب الرواية، ولو كان يستطيع لما اضطر في حاشيته أن يحيل في التخريج على دلائل الخيرات!! وللتذكير فإن الكلام على الحديث من شرطه في خطته المزعوم؛ تلك التي تعلل بها سابقا للهروب!!

أما مسألتُه: فإن الأثر الذي أورده لا يصح أصلاً، وهو من رواية نوح بن قيس، عن سلامة الكندي، قال: كان علي يعلم الناس الصلاة .. الخ.

قال الطبراني في الأوسط (279/أ): لا يُروى هذا الحديث عن علي رضي الله عنه إلا بهذا الإسناد، تفرد به نوح بن قيس الطاحي. وقال أبونعيم معناه في تسمية الرواة عاليا عن سعيد بن منصور (18).

وسلامة فيه جهالة؛ ولم يرو عنه إلا أحد إلا نوح، وحديثه عن علي مرسل.

وضعف حديثه هذا: أبوحاتم في الجرح والتعديل (4/ 300)، والمزي، وابن كثير في تفسيره (3/ 510)، والهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 164)، وغيرهم.

قلت: وبالبحث لم أجد واسطة بين سلامة الكندي وعلي إلا راويا واحداً، وهو الأصبغ بن نباتة، والأصبغ رافضي متهم بالكذب.

قلت: وشيئٌ يعلّمه علي رضي الله عنه للناس ثم لا يُعرف إلا عن مجاهيل يروون عن كذابين يؤكد عدم حصوله، فأين الناس والمتعلمون عن نقله؟

فهذا الأثر ضعيف جدا ولا يثبت، ومتنه فيه نكارة، ولذلك فرح به الحميري!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير