والخلاصة أن بعض الصحابة الذين كانوا يكتبون القرآن لأنفسهم في مصحف أو مصاحف خاصة بهم ربما كتبوا فيها ما ليس بقرآن مما يكون تأويلا لبعض ما غمض عليهم من معاني القرآن أو مما يكون دعاء يجري مجرى أدعية القرآن في أنه يصح الإتيان به في الصلاة عند القنوت أو نحو ذلك وهم يعلمون أن ذلك كله ليس بقرآن.
ولكن ندرة أدوات الكتابة وكونهم يكتبون القرآن لأنفسهم وحدهم دون غيرهم هون عليهم ذلك لأنهم أمنوا على أنفسهم اللبس واشتباه القرآن بغيره
فظن بعض قصار النظر أن كل ما كتبوه فيها إنما كتبوه على أنه قرآن مع أن الحقيقة ليست كذلك إنما هي ما علمت.
أضف إلى ذلك أن النبي أتى عليه حين من الدهر نهى عن كتابة غير القرآن إذ يقول فيما يرويه مسلم لا تكتبوا عني ومن كتب عني شيئا غير القرآن فليمحه وذلك كله مخافة اللبس والخلط والاشتباه في القرآن الكريم
مناهل العرفان (1
189)
وقال غيره: وهو أن القرآن وقع فيه النسخ كثيرا للرسم حتى لسور كاملة وآيات كثيرة فلا بدع أن يكون الترتيب العثماني هو الذي استقر في العرضة الأخيرة كالقراءات التي في مصحفه ولم يبلغ ذلك أبيا وابن مسعود كما لم يبلغهما نسخ ما وضعاه في مصاحفهما من القراءات التي تخالف المصحف العثماني ولذلك كتب أبي في مصحفه سورة الحفد والخلع وهما منسوختان.
أسرار ترتيب القرآن (1
73)
و ذكر الإمام المحدث أبو الحسين أحمد بن جعفر المنادى في كتابه الناسخ والمنسوخ مما رفع رسمه من القرآن ولم يرفع من القلوب حفظه سورتا القنوت في الوتر قال ولا خلاف بين الماضين والغابرين أنهما مكتوبتان في المصاحف المنسوبة إلى أبي بن كعب وأنه ذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أقرأه إياهما وتسمى سورتي الخلع والحفد
البرهان (2
37)
7 - قوله: صحابي سكران يحاور ابن مسعود بخصوص آية من القرآن
يشير إلى حديث علقمة قال: كنا بحمص فقرأ ابن مسعود سورة يوسف فقال رجل ما هكذا أنزلت قال قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال (أحسنت). ووجد منه ريح الخمر فقال أتجمع أن تكذب بكتاب الله وتشرب الخمر؟ فضربه الحد.
البخاري ومسلم
قلت: أما قوله أنه صحابي فهو من كذبه وتدليسه ودليل خبث طويته على الصحابة قال ابن حجر: لم أقف على اسمه وقد قيل إنه نهيك بن سنان الذي تقدمت له مع بن مسعود في القرآن قصة غير هذه لكن لم أر ذلك صريحا.
والجواب كما قال القرطبي: يحتمل أن يكون الرجل كذب بن مسعود ولم يكذب بالقرآن وهو الذي يظهر من قوله ما هكذا أنزلت فإن ظاهره أنه أثبت إنزالها ونفي الكيفية التي أوردها ابن مسعود وقال الرجل ذلك إما جهلا منه أو قلة حفظ أو عدم تثبت بعثه عليه السكر.
الفتح (9
50)
قلت: ويحتمل أن الرجل سمعها من وجه آخر على قراءة سبعية فظن أن ابن مسعود أخطأ بها فالقرآن كما تقدم أنزل على سبعة أحرف.
8 - وأما حديث الداجن فقد ذكر الشيخ عبد الرحمن دمشقية أنه حديث صحيح
رواه الطبراني في المعجم الأوسط (8/ 12) وابن ماجة في سننه (1/ 625) وصححها الألباني في صحيح سنن ابن ماجة رقم 1580.
ولكن هذا لا حجة فيه فإن مصاحف المسلمين كثيرة. والداجن إذا أكلت ورقة لا تستطيع إذهاب آيات القرآن من صدور مئات آلاف المسلمين وليست عائشة وحدها عندها أوراق من القرآن ولم تكن من كتبة الوحي المتخصصين في كتابة كل آية تتنزل على النبي e.
إن هذا محاولة يائسة لإيجاد مساومة مع السنة على قول الرافضة بأن القرآن محرف.
ولئن كان هذا عندهم تحريفا لزمهم التحريف من رواية شبيهة برواية عائشة وهي: «عن جابر عن أبي جعفر قال: سمعته يقول: وقع مصحف في البحر فوجدوه وقد ذهب ما فيه إلا هذه الآية: ألا إلى الله تصير الأمور» (الكافي 2/ 462 كتاب فضل القرآن بدون باب).
9 - وأما قراءة عبد الله بن مسعود قال: أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني أنا الرزاق ذو القوة المتين
الترمذي
فهو من اختلاف القراءات
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن الأحرف السبعة
وهل هذه القراءات المنسوبة إلى نافع وعاصم وغيرهما هي الأحرف السبعة؟
أو واحد منها؟.
وما السبب الذي أوجب الاختلاف بين القراء فيما احتمله خط المصحف؟.
وهل تجوز القراءة برواية الأعمش وابن محيصن وغيرهما من القراءات الشاذة أم لا؟.
وإذا جازت القراءة بها فهل تجوز الصلاة بها أم لا؟.
فأجاب:
¥