تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

["سنريهم آياتنا ... ":يفهمها أصحاب الإعجاز العلمي على غير وجهها.]

ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[24 - 09 - 07, 04:15 م]ـ

["سنريهم آياتنا ... ":يفهمها أصحاب الإعجاز العلمي على غير وجهها.]

سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ...

هذه الآية اتخذها المشتغلون بالإعجاز العلمي شعارا ويرون أن الكشوفات العلمية الحديثة وافقت آي القرآن، وأن هذه الكشوفات هي المرادة من قوله تعالى "سنريهم آياتنا "لذلك تراهم معتادين على ختم كتاباتهم عن "الثقوب السوداء" و"اتساع الكون" و"الحبال الفائقة" بهذه الآية الكريمة ... فكأن سوء فهمهم لهذه الآية-وهي الأثيرة عندهم –يعكس ضحالة المنهج الذي سلكوه في تفسيرهم للقرآن الكريم ...

هؤلاء يفهمون خطأ كلمة" آفاق" فهم يعتبرونها مشتقة من" فوق" ومن ثم فالآفاق عندهم مرادفة للأعالي .. فالثقب الأسود الكائن في أبعد المجرات يسلكونه في عداد آيات الآفاق ...

******

-قال الزبيدي-رحمه الله-:

الأفْقُ بالضَّمِّ وبضَمَّتَيْنِ كعُسْرِ وعسر: الناحِية ج: آفاق.

الأفُقُ: ما ظَهَرَ من نَواحِي الفَلك وأَطْراف الأرْضِ.

الأفق: مَهَبُّ الرِّياح الأرْبَعَة: الجنوبِ والشّمالِ والدَبَورِ والصِّبا.

ورَجُلٌ أَفاّقٌ كشَدّادِ: يَضْرِبُ في الآفاق: أي نَواحِي الأَرْضِ مُكْتَسِباً.

وأفَقُ الطرِيق مُحَرَّكَةً: سَنَنُهُ وعن ابنِ الأعرابِيًّ: وَجهُه ج: آفاقٌ كسَبَبٍ وأسبابٍ ومنه قولُهم: قَعَدَ فلان على أَفَقِ الطَّرِيقِ.

-قال ابن منظور-رحمه الله-:

(أفق) الأُفْق والأُفُق مثل عُسْر وعسُر ما ظهر من نواحي الفَلَك وأَطراف الأَرض وكذلك آفاق السماء نواحيها وكذلك أُفْق البيت من بيوت الأَعراب نواحيه ما دون سَمْكه وجمعه آفاق وقيل مَهابُّ الرياح الأَربعة الجَنُوب والشَّمال والدَّبور والصَّبا وقوله تعالى سنُريهم آياتِنا في الآفاق وفي أَنفُسهم قال ثعلب معناه نُرِي أَهل مكة كيف يُفتح على أَهل الآفاق ومَن قرُب منهم أَيضاً.

ومنه شعر العباس يمدح النبي صلى الله عليه وسلم

وأَنتَ لمَّا وُلِدْتَ أَشْرَقَتِ ال .... أَرضُ وضاءتْ بنُورِكَ الأُفُقُ

وأَنَّث الأُفق ذهاباً إلى الناحية.

-قال ابن فارس-رحمه الله-:

الآفاق: النواحي والأطراف ...

وأخبرني أبو بكر أحمد بن محمد بن إسحاق الدِّينوريُّ قراءةً عليه، قال: حدَّثني أبو عبد الله الحسين بن مسبِّح قال: سمعت أبا حنيفة يقول: للسّماء آفاقٌ وللأرض آفاق، فأمّا آفاق السماء فما انتهى إليه البصر منها مع وجه الأرض من جميع نواحيها، وهو الحدُّ بين ما بَطَن من الفَلَك وبين ما ظَهَر من الأرض، قال الراجز:

* قبلَ دُنُّوِّ الأُفْقِ من جَوْزائِه *

يريد: قبل طلوع الجوزاء؛ لأنّ الطلوع والغُروب هما على الأفق ..... قال: وأما آفاق الأرض فأطرافها من حيث أحاطت بك.

****

الآفاق إذن تضاف إلى الأرض والسماء معا .. وهي مرتبطة بالبصر والمشاهدة على البعدين الأفقي و العمودي .. فآفاق السماء هي نواحيها الظاهرة للعيان ... وقد جمع أبو حنيفة البعدين بضابط الرؤية في قوله الآنف:

"فأمّا آفاق السماء فما انتهى إليه البصر منها مع وجه الأرض من جميع نواحيها"

ولهذا الضابط إشارة في الآية نفسها في فعل "سنريهم" ومن ثم فما يحصل في المجرات السحيقة والأصقاع النائية بمليارات السنوات الضوئية لا يصدق عليها أنها تحصل في الآفاق.

******

-قال ابن جرير-رحمه الله-:

يقول تعالى ذكره: سنري هؤلاء المكذّبين، ما أنزلنا على محمد عبدنا من الذكر، آياتنا في الآفاق.

واختلف أهل التأويل في معنى الآيات التي وعد الله هؤلاء القوم أن يريهم، فقال بعضهم: عني بالآيات في الآفاق وقائع النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بنواحي بلد المشركين من أهل مكة وأطرافها، وبقوله: (وَفِي أَنْفُسِهِمْ) فتح مكة.

-قال ابن كثير-رحمه الله-:

{سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ} أي: سنظهر لهم دلالاتنا وحُجَجنا على كون القرآن حقا منزلا من عند الله، عز وجل، على رسوله صلى الله عليه وسلم بدلائل خارجية {فِي الآفَاقِ}، من الفتوحات وظهور الإسلام على الأقاليم وسائر الأديان.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير