تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[دليل القرآن على البعث:منطقي أم بياني؟]

ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[28 - 08 - 07, 09:34 م]ـ

[دليل القرآن على البعث:منطقي أم بياني؟]

منطقي ........

منهج القرآن في تقرير البعث يتسم غالبا بإرجاع الفرع إلى الأصل،أعني جعل مسألة البعث تابعة لمسألة الربوبية وتحويل سؤال المشككين:"هل هناك بعث" إلى سؤال يتعلق بالأسماء والصفات:"هل الله قادر".

فشبهة استبعاد البعث بالنظر إلى مشاهدات الحس يرد عليها القرآن بما لا يستطيع العقل إنكاره وهو قدرة الله المطلقة التي لا يعجزها شيء ... ومن ثم يصحح القرآن صيغة طرح السؤال ويحولها من" هل يمكن بعث الموتى أم لا" إلى" هل الله قادر على بعث الموتى أم لا .. "وهذه الصيغة الجديدة لا تعطي للكافر فرصة المناورة ومن ثم يحسم القرآن الحكيم الجدال بضربة واحدة قاطعة ...

من شواهد ذلك مثلا:

-"أَعْلَمُ أَنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [البقرة: 259]

(وهي الخلاصة التي انتهى إليها الرجل بعد تجربة الموت والبعث التي مر بها)

- {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ. قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ} يس79

- {أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ} يس81

- {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} الأحقاف33

- {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَى} القيامة40

والشواهد طيبة كثيرة مدارها على ربط البعث بالصفات العليا الثلاث: الخلق والقدرة والعلم.

هذا التصحيح لطرح المشكلة يكشف عن الحكمة في جدال القرآن بتحقيق الوصفين:

-اختصار الوقت وقطع السبيل على المناورات.

-مخاطبة المجادل بما هو مسلم عنده صراحة أو ضمنيا فيقع الإفحام سريعا.

ففي مسألتنا هذه لا يمكن معالجة" البعث "بدون" باعث"، لذلك وظف القرآن المنهج الاستنباطي –وهو منهج يقيني بالاتفاق-نزولا من الكل إلى الجزء:

إذا كان الله خالقا قادرا عالما فلا يعجزه بعث الموتى ...

ولكن الله خالق قادر عالم فبعث الموتى واقع.

فإن قلت: ومن أين لكم تسليم الشاك في البعث بصفات الربوبية حتى تقام عليه الحجة بواسطتها؟

قلنا: إن الشاك في البعث لا يضع مشكلته إلا وهو مسلم بوجود الرب .. فلو كان معطلا جاحدا للربوبية لكان أمر البعث خارجا عما يمكن أن يفكر فيه .. فهذا الشاك- على هذا الشرط-ما زال على ذمته تفسير النشأة الأولى .. فكيف يناقِش أو يناقَش في نشأة أخرى!!

وإن اتخاذ القرآن الحكيم قياس الأولى في إثبات البعث والنشور لمجادلة الشاكين والمشككين لدليل قاطع على أن من يجادلهم قد سلموا أولا بنشأة أولى وإلا فلا معنى للاجتهاد في إثبات فرع لمن ينكر الأصل أصلا!!

وعلى جميع الناس أن يعلموا أن دليل الربوبية كامن في النفوس والبدائه والعقول ولا ينكره إلا معاند أو شاذ لا يستحق الخطاب، لأنه لن يمكن إقناعه بشيء وراء ذلك،وكل الحجج التي سنواجهه بها للتدليل على أي شيء كان، لن تكون في قوة شواهد الربوبية التي هو منكر لها فمن العبث إذن الجلوس معه على بساط الجدال ...

وعدم التسليم بالربوبية يتضمن القدح في القرآن لا محالة إما تفصيلا وإما إجمالا:

-تفصيلا:أن تكون حجج القرآن على الألوهية والبعث غير مجدية لأنه يستدل عليها بالربوبية وهي محل شك وإنكار.

-إجمالا: أن تكون دعاوى الفلاسفة والمتكلمين الذين انشغلوا في الاستدلال على الربوبية صحيحة فيكون القرآن في مرتبة ثانية بالضرورة على قاعدتهم الباطلة "العقل أصل للنقل" .. فلا يؤخذ من القرآن شيء إلا بعد إثبات قبلي لوجود الرب .. وهذا الإثبات تتكفل به الفلسفة وعلم الكلام إذ لا يجوز أن يعتمد على القرآن في هذا بسبب تحصيل الحاصل ..

باختصار كل بحث في البعث يفترض تسليما بالربوبية وعلى هذه القاعدة جادل القرآن الشاكين والمترددين "

-أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىَ يُحْيِي هََذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ ..

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير