تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الآية الثانية (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (21)) لا يمكن أن يقول في بعض الأنعام هنا. ننظر الآية: هذه المنافع في كل الأنعام وليس بعضها لأنه لا يصلح لأن الآية الأولى (مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا ً) إنتهى الكلام على الأنعام إنتهى فذكر الكلام على الأنعام المؤنث فقط. أما هذه الآية فقد مضى الكلام على الأنعام كلها عموماً لأنه (وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ) ليس من الإناث فقط (وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ) ليس الإناث فقط ولذلك نظر إلى كلمة الأنعام عامة وعند ذلك تكون مؤنثة ولا يصلح فيها كلة بعض ولو صلح فيها (بعض) لذكّر.

الأنعام تُذكّر وتُونّث هذا كلام الفرّاء ولكن نحن سألنا متى تُذكّر ومتى تُؤنّث؟ تُذكّر إذا نويَ فيها معنى بعض وإذا لم ينو فيها معنى بعض تبقى على تأنيثها. كلمة أفعال جمع فعل في غير العاقل للتأنيث مثل سبب واسباب تقول هذه الأسباب لا تقول هذا الأسباب وبالتالي هذه الأنعام هنا الأنعام على عمومها شاملة المذكر والمؤنث لأن هنا لا تستطيع أن تضع بعض. لا يمكن أن يقول في سورة النحل: نسقيكم مما في بطونها وينصرف الذهن للمؤنث يصير إعتراض: كيف سقيتنا من بطونها ذكوراً وإناثاً؟ لكن لما تقدّر من بعضها يستوي المعنى عند ذلك فلا بد أن تأتي الآية الأولى بالتذكير والآية الثانية بالتأنيث لأن كلمة بعض لا تستقيم في الآية الثانية. الأنعام مفردها النَعَم بالفتح مثل سبب وأسباب وهي غير النِعَم جمع نِعمة.

من لمسات بيانية للدكتور فاضل السمرائي

ما الفرق بين بطونه وبطونها في الآيتين (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَنًا خَالِصًا سَآئِغًا لِلشَّارِبِينَ (66) النحل) (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (21) المؤمنون)؟

عندنا قاعدة لغوية: قد يدل التأنيث على الكثرة والتذكير على القِلّة مثل (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا (14) الحجرات) قالت مؤنث و (وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ (30) يوسف) قال مذكر مع أنها مع النسوة مؤنث، الأعراب أكثر من النسوة فقال قال مع النسوة لأنها أقل والأعراب أكثر فأنّث. (فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ (5) التوبة) قال انسلخ وهي أربعة أشهر. في مواطن كثيرة في القرآن (الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلاَّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّىَ يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جَاءكُمْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ (183) آل عمران) (جاءكم) جاؤوا بالذي طلبوه، في آية أخرى (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ وَقَالُواْ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ لَقَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ (43) الأعراف) هذه جميع الرسل هذا في الآخرة، في الأولى جاءكم الرسل أي بعض منهم، مجموعة من الرسل فقال جاءكم وفي الثانية قال جاءت لأنها أكثر لأنها تتكلم عن كل الرسل. نطبق القاعدة على الآيتين محل السؤال: نقرأ الآيتين (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَنًا خَالِصًا سَآئِغًا لِلشَّارِبِينَ (66) النحل) بعدها ذكر أمراً آخر ولم يذكر غير اللبن (وَمِن ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَناً (67))، في الآية الثانية (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (21) وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ (22) المؤمنون) ذكر منافع، الذي يُسقى أي التي تدر اللبن هي قسم من الإناث وليست كل الأنعام لكن الذكور والصغار لا تدر اللبن والإناث في مواسم معينة تدر اللبن لكن كل الأنعام تؤكل الصغار والكبار والذكور والإناث وفيها منافع أكثر في سورة المؤمنون فأنّث بحسب القاعدة اللغوية، لا يصلح في اللغة أن تأتي واحدة مكان الأخرى. إذا ذكّر الحديث عن المؤنث يكون غرض التذكير للدلالة على القِلة وإذا أنّث يدل على الكثرة والفراء ذكرها في كتابه معاني القرآن في سورة يوسف (وقال نسوة)، هذا أمر لغوي. أنّث في سورة المؤمنون (نُّسقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهَا) لأنه ذكر فيها منافع أخرى ولا تخص الإناث فقط.

ما الفرق بين كلمة (بطونه) في آية سورة النحل و (بطونها) في آية سورة المؤمنون؟

قال تعالى: (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً خَالِصاً سَائِغاً لِلشَّارِبِينَ) (النحل:66) وقال تعالى: (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُون) (المؤمنون:21)

آية النحل تتحدث عن إسقاء اللبن من بطون الأنعام واللبن لا يخرج من جميع الأنعام بل يخرج من قسم من الإناث.

أما آية المؤمنون فالكلام فيها على منافع الأنعام من لبن وغيره وهي منافع عامة تعم جميع الأنعام ذكورها وإناثها صغارها وكبارها فجاء بضمير القلة وهو ضمير الذكور للأنعام التي يستخلص منها اللبن وهي أقل من عموم الأنعام وجاء بضمير الكثرة وهو ضمير الإناث لعموم الأنعام وهذا جار وفق قاعدة التعبير في العربية التي تفيد أن المؤنث يؤتى به للدلالة على الكثرة بخلاف المذكر وذلك في مواطن عدة كالضمير واسم الإشارة وغيرها (1).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير