تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وواجب العلماء اليوم ـ يقول الدكتور نور الدين الخادمي [26] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/editpost.php?do=editpost&postid=998688#_ftn26) ـ " تشكيل عقل جماعي متخصص ينظر للواقع بشمول وإحاطة واستيعاب، ويزن الأمور بميزان الجماعية التي بارك الله فيها من جهة، والتي يتوقف فهم الواقع المعاصر عليها، لما بلغته قضاياه وأحواله من تشعب وتعقيد واختلاط وتداخل في صوابه وخطئه، في حلاله وحرامه، وبخاصة في زماننا الذي انمحت فيه الحدود وزالت فيه الحواجز، وغزت العالم الإسلامي في عقر داره أعراف العالم الآخر ونظمه وقوانينه، وغدت المبادلات فيه على أسس لا توافق في أحايين كثيرة الأسس الفقهية المعروفة. وقد ازداد الأمر تعقيداً بظهور المخترعات العلمية الحديثة التي جرت معها قطاراً من المسائل العويصة التي يتوقف فهمها على ذوي الاختصاص والخبرة لطبيعتها وماهيتها، هذا فضلاً عما شاب العقل الإسلامي من اختلالات واهتزازات في الفهم والتمييز بسبب اختلاط الثقافة الإسلامية بثقافات أخرى، وليس مع ذلك الاختلاط من تحصين ووقاية .... إن التحديات الفكرية والاقتصادية والحضارية المعاصرة التي تواجه الكيان العام، وتستهدف البناء القيمي التشريعي الإسلامي لن يكون مقدورًا عليها إلا بتشكيل العقل العام والضمير الجماعي المتشبع بالروح العقدية والفكرية الأصيلة، والروح المعنوية والوجدانية العالية، والنفس الإصلاحي التعميري الشامل، والرغبة في الشهادة على العالم، وإحياء الخيرية والرحمة لكافة الناس".

إن إعمال دور المقاصد الشرعية في المساهمة في معرفة الخلل الذي أصاب منهج النظر والاستدلال في إيجاد الحلول الإسلامية لما استجد من الوقائع والأحداث آكد ومعتبر لأجل تصحيح مساره واستشراف الحلول من خلاله. فالمجتمعات الإسلامية أصبحت تنحو إلى الكماليات والإسراف في استعمالها والإغراق في تعاطيها ونشرها، بينما الردّ إلى مقاصد الشريعة يعيد الاعتبار إلى فقه الأولويات ويثبت في الذهن ميزان المنافع أو المضار بدأً بحفظ الضروريات التي لا يقوم مجتمع إلا بها في كل شؤونه الحياتية والفكرية ثم الحاجيات ثم التحسينيات، والإخلال في هذا إخلال في بنية المجتمع والأفراد.

يقول العز بن عبد السلام – رحمه الله- في كون تصرفات الناس العامة لا تخلو في ماهيتها من قبيل المصالح أو المفاسد ولضبط هذه الأفعال قال -رحمه الله-: "الأفعال ضربان: أحدهما المصالح وهي أقسام:

(احدهما) ما هو مصلحة خالصة من المفاسد السابقة واللاحقة والمقترنة و لا يكون إلا مأذوناً فيها إما إيجابا أو ندباً أو إباحة (القسم الثاني) ما هو مصلحة على مفسدة أو مفاسد وهي ما دونه. (القسم الثالث) ما هو مصلحة مساوية لمفسدته أو مفاسده. (القسم الرابع) ما هو مصلحة مساوية لمصلحة أو مصالح فإن أمكننا الجمع جمعنا وإن تعذر الجمع تخيرنا، ومهما تمحصت المصالح قدمنا الأفضل فالأفضل، والأحسن فالأحسن ولا نبالي بفوات المرجوح.

الضرب الثاني: المفاسد وهي أقسام:

(أحدها) ما هو مفسدة خالصة لا يتعلق بها مصلحة سابقة ولا لاحقة ولا مقترنة، فلا تكون إلا منهياً عنها، إما حظراً، وإما كراهة. (القسم الثاني) ما هو مفسدة راجحة على مصلحة أو مصالح وهي منهية. (القسم الثالث) ما هو مفسدة مساوية لمصلحة أو مصالح، فإن أمكن درء المفسدة وجلب المصلحة أو المصالح قلنا بذلك وتركنا المفسدة وأثبتنا المصلحة أو المصالح. وإن تعذر الجلب والدرء ففيه نظر.

(القسم الرابع) ما هو مفسدة مساوية لمفسدة أو مفاسد فإن أمكن درء الجميع درأناه وإن تعذر تخيرنا ومهما تمحصّت المفاسد درأنا الأرذل فالأرذل والأقبح فالأقبح" [27] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/editpost.php?do=editpost&postid=998688#_ftn27).

ونظراً لصعوبة الترجيح في المصالح والمفاسد المتعارضة سطر لنا كذلك العلماء قواعد فقهية تساعد على الترجيح بين المصالح والمفاسد المتعارض، يحفظها الفقيه ليفتي بها ويحفظها غيره ليتزن على وفقها، ومن أمثال هذه القواعد:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير