ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[03 - 05 - 09, 12:43 م]ـ
ـ عودة إلى المتن ـ
الفائدة 40
قول المصنف (الواجب ما يثاب على فعله و يعاقب على تركه).
ـ هذا الثواب و هذا العقاب، أين هو؟ في الآخرة بلا شك.
ـ و هذا من حيث الثمرة.
ـ و الشيء إن عُرِّف من حيث الثمرة، يبقى بحاجة إلى تعريف من حيث الماهية.
الفائدة 41
الملحوظة الثانية
أن التعاريف الخمسة تشترك في أنها تعريف من حيث الثمرة.
الفائدة 42
الملحوظة الثالثة
على التعاريف بالجملة المذكورة.
ـقال: (و المندوب ما يثاب على فعله و لا يعاقب على تركه)
ـ لو أن رجلا وفق لفعل واجب دون قصد، هل يثاب عليه؟ لا
ـ الصحيح: الواجب ما يثاب على فعله قصدا. و يعاقب على تركه قصدا.
لا بد من التعريف لهذه الأشياء كلها قصدا، لأن الأحكام أخروية و ليست دنيوية.
مثال: لو أن رجلا ترك الزنا لأنه لا يقدر عليه، هل يثاب على ذلك؟ لا.
و لكن لو أن رجلا كان قريبا من الزنا و تركه حِسْبةً و قصدا!، هذا الذي يثاب!
و العمل حتى يقبل يحتاج إلى القصد و النية، و لذا قال النبي صلى الله عليه و سلم فيما صح عنه: (لا أَجْرَ لمن لا حِسْبةَ له).
الفائدة 43
الملحوظة الرابعة
في قوله (الواجب و المندوب ... )
ـ هنالك خلاف مطوي في صيغة العد:
1ـ فعند الأصوليين:
الوجوب، التحريم، الكراهة، الندب، الإباحة.
إذ هو الخطاب و عليه فهو ذات الحكم عندهم، فمذهبهم كون الحكم علما على نفس خطاب الشارع الذي يطلب من المكلف.
2ـ بينما عند الفقهاء:
الحكم الشرعي هو ما ثبت بالخطاب الشرعي أي أثره المترتب عليه، لا نفس الخطاب.
ـ فهم (أي الفقهاء) و نظروا إليه من ناحية تعلقه بفعل المكلف، لذا يقولون: الواجب، الحرام، المندوب، المكروه، المباح.
فيعتبرون الشيء المترسب على الحكم هو الحكم التكليفي.
ـالأصوليون يرون أن ذات خطاب الله المتعلق بالمكلفين هو الحكم التكليفي.
خلاصة
ـ هَمُّ الأصوليين: الأمور الكلية.
ـ و هَمُّ الفقهاء: الأمور الجزئية.
ـ لذا فرقنا في الدرس الأول: بين الأصول و الفقه.
ـ فعد المصنف (الواجب، و المندوب، و المباح ... ) على حسب عد الفقهاء لا الأصوليين.
ـ بما أن المتن في الأصول، كان ينبغي أن يقال (الوجوب، و الندب و هكذا ... ).
نأتي الآن إلى الواجب ...
الفائدة 44
قال المصنف (الواجب ما يثاب على فعله "قصدا" و يعاقب على تركه "قصدا")
ـ يمكن أن يقوم الانسان بواجب تبرأ به ذمته و لا يثاب على فعله.
مثال 1:
ما أخرجه مسلم في صحيحه برقم 2830 قال:
قال صلى الله عليه و سلم: (من أتى عرافا فسأله عن شيء فصدقه لم تقبل له صلاة أربعين يوما).
و لم يكن سؤال امتحان لأن العالم يجوز له امتحان العراف ليعرف حاله و يحذر منه.
ـ كما ثبت في صحيح مسلم في قصة أبي اليزيد:
أن النبي صلى الله عليه و سلم أتاه فقالت له أمه: محمد! فقال: بُخ ... إلى آخر القصة.
فاستنبط العلماء منها جواز امتحان العالم و الموحد و طالب العلم للعراف ليعرف حاله و يحذر منه.
ـ هل يلزم من الوجوب أن يثاب على الفعل؟
هل هذا الحكم مفرد، أم له نظير؟ له نظير.
مثال 2
ثبت أيضا في صحيح مسلم رقم 70 عن جابر عن جرير بن عبد الله قال:
قال صلى الله عليه و سلم: (إذا أبق العبد لا تقبل له صلاة).
و العلماء مجمعون على أن الصلاة تسقط من ذمته، و لكنه لا يثاب عليها.
مثال3
ما ثبت عند أبي عبيد في كتاب الايمان رقم 90 و البيهقي في الشعب و ابن أبي الدنيا في "ذم المسكر" و غيرهم:
من حديث عبد الله بن عمر بن العاص رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: (من شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين صباحا فإن تاب تاب الله عليه، و إن عاد لم تقبل له صلاة أربعين صباحا، فإن تاب تاب الله عليه).
و العلماء مجمعون أن صلاة شارب الخمر التي أداها بعد شربه للخمر بشروطها و أركانها تسقط من ذمته و لا قضاء عليه.
و المراد هنا: لا ثواب له.
الفائدة 45
من بديع ما أصله ابن القيم قوله في المنار المنيف:
( ... و القبول له أنواع:
1ـ قبول رضا و محبة: و اعتداد و مباهاة، و ثناء على العامل بين الملأ الأعلى (أي من الله سبحانه).
2ـ و قبول جزاء و ثواب: و إن لم يقع موقع الأول. (و هذا قبول جل الناس، و همهم الثواب، و ليس قبول الرضا و المحبة، و لذا كان عمر رضي الله عنه يتمنى قبول سجدة واحدة، و المراد بها قول الرضا و المحبة و المباهاة).
3ـ قبول إسقاط للعقاب فقط: و إن لم يترتب عليه ثواب و جزاء، كقبول صلاة من لم يحضر قلبه في شيء منها، فإنه ليس له من صلاته إلا ما عقل منها فإنها تسقط الفرض و لا يثاب عليها، و كذلك صلاة الآبق، و صلاة من أتى عرافا فصدقه، فإن البعض قد حقق أن صلاة هؤلاء، لا تقبل و مع هذا فلا يؤمرون بالإعادة يعني أن عدم قبول صلاتهم إنما هو في حصول الثواب لا في سقوطها من ذمتهم).
ـ نأخذ موطن الشاهد، التشويش على قول الماتن رحمه الله: (الواجب ما يثاب على فعله).
¥