تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

العام أحد أبواب أصول الفقه السابقة (التي ذكرها المؤلف ضمن العشرين بابا)، و هو من أوصاف الألفاظ، و ليس من أوصاف المعاني، و لذلك يقال في المعنى: أعم، و في اللفظ: عام.

انتبهوا لهذا!!!

بعض الناس لا يفرق بينهما، و لكن بينهما فرق!:

1ـالعام من أوصاف الألفاظ فيقال: هذا لفظ عام.

2ـ و الأعم من أوصاف المعاني فيقال: هذا المعنى أعم.

الفائدة 139

و العام لابد أن يعرفه الانسان، لأنه يترتب عليه بناء الأحكام، فإذا وجدنا لفظا عاما يشمل جميع أفراده، فمعناه أن الحكم يثبت لجميع الأفراد.

الفائدة 140

و قد عرف المؤلف العام بقوله:

72ـ وَحَدُّهُ لفظٌ يَعُمُّ أَكْثَرَ ... من واحدٍ من غيرِ ما حَصْرٍ يُرَى

يعني رحمه الله:

أن العام لفظ دال على أكثر من واحد من غير حصر.

ـ فإذا قلت: زيد.

فليس بعام، لأنه يدل على واحد، و نحن نقول: على أكثر من واحد.

ـ و إذا قلت: رجلان.

فليس بعام، لأنه يدل على أكثر من واحد مع الحصر.

ـ و إذا قلت: عشرون رجلا.

فأيضا ليس بعام، لأنه يدل على أكثر من واحد مع الحصر.

ـ و إذا قلت: الناس.

فإنه عام، لأنه يدل على أكثر من واحد، من غير حصر.

الفائدة 141

ثم قال المؤلف رحمه الله:

73ـ من قولهم عمَمْتُهُمْ بما معِي .... و لْتَنْحَصِرْ ألفاظه في أربعِ

قوله: من قولهم عممتهم بما معي أي: أن العام اشتق من قولهم: عممتهم بما معي.

يعني: شملتهم بالعطاء، فلو أعطيت هذا الرجل مالا يتصدق به على هذه المجموعة و أعطاهم إلا واحدا منهم.

ثم جاء إلي و قال: عممتهم بما أعطيتني!!

فلا نقول: إنه صادق!

لأنه لم يعمهم، بقي واحد!.

فإذا قال: عممتهم، فمدلوله أن جميعهم أخذوا، و لهذا صار اللفظ العام شاملا لجميع الأفراد.

و منه أيضا: العمامة، لأنها محيطة بالرأس كله.

الفائدة 142

و قوله رحمه الله (و لتنحصر):

اللام لام الأمر، لكن ليس المراد بهذه الجملة الطلب، بل هو أمر بمعنى الخبر.

و الأمر ياتي بمعنى الخبر، كما أن الخبر يأتي بمعنى الأمر:

1ـ ففي قوله تعالى: (و المطلقات يتربصن بأنفسهن) البقرة/ 228، هذا خبر بمعنى الأمر.

2ـ و في قوله تعالى: (و قال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا و لنحمل خطاياكم) العنكبوت/12.

أمر بمعنى الخبر، لأن معنى (و لنحمل): و نحن نحمل خطاياكم.

الفائدة 143

إذن قوله (و لتنحصر) أمر بمعنى الخبر، يعني تنحصر ألفاظه في أربعة أنواع.

فأنواع العموم على كلام المؤلف أربعة.

الفائدة 144

ذكر المؤلف رحمه الله هذه الأنواع بقوله:

74ـ الجمع و الفرد المعرّفان .... باللام كالكافر و الإنسان

يعني: أن النوع الأول و الثاني من أنواع العموم الأربعة هو:

1ـ كل جمع معرف باللام.

2ـ و كل مفرد معرف باللام.

فهو للعموم، إلا إذا كانت اللام لبيان الحقيقة، أو للعهد، فإنها ليست للعموم، إنما الذي يفيد العموم (أل) التي للاستغراق، أما التي للعهد فعلى حسب المعهود.

و أما التي لبيان الحقيقة، فليست عامة،

لو قلت: الرجل خير من المرأة.

ليس المعنى أن كل رجل خير من كل امرأة، و لا يستقيم هذا، لأن من النساء من هن خير من الرجال، لكن حقيقة الرجال أو جنس الرجال أفضل من النساء.

الفائدة 145

وقول المؤلف (المعرفان باللام)

هل قصده الألف و اللام، أو بأل، أو باللام وحدها؟

في هذا خلاف بين النحويين:

1ـ بعض النحويين و الأصوليين يقولون: معرف بأل. كما هو مذهب البصريين، قال ابن مالك في الألفية:

بالجر و التنوين و النِّدَا و أل ..... و مسندٍ للاسم تمييزٌ حصَل

2ـ و قد يعبرون بالألف و اللام كالكوفيين، كما قال صاحب الآجرومية: الاسم يعرف بالخفض و التنوين و دخول الألف و اللام.

3ـ و ربما يعبر بعضهم باللام فقط، لأن "أل" لم تأت الهمزة فيها على أنها من بنية الكلمة، و لكن لسهولة النطق بالساكن، لأنه لولا الهمزة ما نطقت باللام، اللام ساكنة، و الساكن لا يمكن الابتداء بالنطق به، فلذلك يقول بعضهم:

إن التعريف حصل باللام وحدها.

يقول الشيخ العثيمين رحمه الله بعد سرد الأقوال:

و على كل حال، الخلاف كما يبدو لي، ليس تحته طويل فائدة، و على كل حال المعرف ب "أل"، أو بالألف و اللام، أو باللام وحدها، نقول:

لفظ صالح للعموم إلا أن تكون لبيان الحقيقة أو للعهد، فإن كانت للعهد فحسب المعهود، و إن كانت لبيان الحقيقة فيصدق بواحد.

الفائدة 146

و قول المؤلف (كالكافر و الإنسان)

ضرب المؤلف مثالا بالكافر و الانسان، وليت المؤلف قال: كالمؤمن و الانسان، و لو قال: كالمؤمن و الانسان، لم ينكسر البيت.

لكن على كل حال مادام مثالا، ليس حكما، فلا بأس، و مثال كلمة الكافر قولنا: الكافر في النار.

فأل هنا للعموم مع أن الكافر مفرد، لكن دخلت عليه "أل" فأفادت العموم.

و علامة أل التي للعموم ـ أل الاستغراقية ـ أن يحل محلها لفظة كُلْ بالسكون.

و في هذا المثال يصح أن تقول: كل كافر في النار.

و قوله (الانسان):

مفرد محلى بأل الاستغراقية، فيكون للعموم، و مثاله قوله تعالى: (و العصر. إن الانسان لفي خسر) العصر/1ـ2

و قوله تعالى: (خلق الانسان من عجل) الأنبياء/37.

و قوله تعالى: (و خلق الانسان ضعيفا) النساء/ 28.

فأل في هذه الآيات الثلاث تفيد العموم، لأنه يمكن أن يحل محلها كلمة "كل"، والمعنى:

إن كل إنسان لفي خسر، و خلق كل إنسان ضعيفا، خلق كل إنسان من عجل.

الفائدة 147

مثال آخر عن أل الاستغراقية:

الشيطان، قال تعالى: (إن الشيطان لكم عدو) فاطر:6.

الشيطان هنا للعموم، و ليست للعهد الذهني، لصحة حلول كلمة "كل" محلها، و المعنى: إن كل شيطان لكم عدو، سواء كان الأب الكبير الذي أضل آدم، عليه الصلاة و السلام، أو أبناءه و ذريته، كلهم أعداء لنا، و شياطين الإنس كذلك أيضا أعداء لنا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير