تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال تعالى: (و الذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا) النور /33.

يعني: العبيد الذين يطلبون المكاتبة، و هي شراء أنفسهم للعتق، كاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا، لو لم تأتينا: إن علمتم فيهم خيرا لكان المكاتب إذا طلب المكاتبة فإنه يجاب، سواء علمنا فيه الخير، أم لم نعلم.

فهذه الآية تخصيص بالشرط، و هذه و إن كانت "إن" الشرطية، و لكنه شرعا يسمى استثناء، و لهذا يأتي السائل فيقول:

حلفت أن أفعل كذا، فيقول: هل استثنيت، فقلت: إن شاء الله؟

الفائدة 170

مثال التخصيص بالوصف

و مثال التخصيص بالوصف: قلت َ: أكرم القوم المكرمين لك.

المكرمين، هذه صفة للقوم، فقد قيدتَ القوم، لو أن الكلام بقى هكذا: أكرم القوم، لأكرمت القوم كلهم، أكرموك أم لم يكرموك، فإذا قلت: المكرمين لك، خرج بذلك غير المكرمين.

إذن يكون التخصيص بالوصف من باب التخصيص بالمتصل.

الفائدة 171

مثال التخصيص بالاستثناء

و الاستثناء مأخوذ من الثني، لأنه استفعال، و أصوله الثاء و النون و الياء، فهو من الثني، و هو العطف، تعطف شيئا على شيء، هذا من حيث اللغة.

أما في الاصطلاح فهو إخراج ما لولاه لدخل في الكلام ب"إلا" أو إحدى أخواتها. و أخواتها مثل غير و سوى.

فالاستثناء يكون به التخصيص، و هو من أقسام المخصص المتصل.

مثاله قوله تعالى: (و العصر. إن الإنسان لفي خسر. إلا الذين آمنوا و عملوا الصالحات)

هنا خُصص الذين آمنوا بأنهم ليسوا في خسر، و هذا تخصيص بالاستثناء، و هو تخصيص بالمتصل.

الفائدة 172

خلاصة

فصار التخصيص بالمتصل أنواعه ثلاثة:

الأول: تخصيص بالوصف.

الثاني: تخصيص بالاستثناء.

الثالث: تخصيص بالشرط.

الفائدة 173

حد الاستثناء

84ـ و حد الاستثناء ما به خرج .... من الكلام بعضُ ما فيه اندرج

قوله (حد)

يعني: تعريفه.

قوله (ما به خرج من الكلام بعض ما فيه اندرج)

يعني: ما خرج به من الكلام بعض ما اندرج فيه، لكن يشترط زيادة إلا أو إحدى أخواتها.

قال تعالى:

(و العصر. إن الإنسان لفي خسر. إلا الذين آمنوا)

فالذين آمنوا من الإنسان، أخرجناهم بواسطة الاستثناء.

الفائدة 174

شروط الاستثناء

ثم شرع رحمه الله في بيان شروط الاستثناء فقال:

85ـ و شرطه ألا يرى منفصلا ..... و لم يكن مستغرقا لما خلا

86ـ و النطق مع إسماع من بقربه ..... و قصده من قبل نطقه به

هذه هي شروط الاستثناء:

1ـ الشرط الأول: أن يكونَ ممن تكلم بالعموم

يعني: أن يكون المستثنى و المستثنى منه من واحد، أي: صدرا من واحد، فلو قال قائل: زوجاتي طوالق.

و عنده أبناؤه، فقال أحد الأبناء: إلا أمي.

فإنه لا يصح الاستثناء، و لو كان قاله متصلا في الحال، لأنه يشترط أن يكون المستثنى و المستثنى منه من متكلم واحد.

2ـ الشرط الثاني: ألا يكون منفصلا

فلو قال قائل: عندي لفلان مائة درهم، ثم سكت، ثم بعدئذ، بعد ساعة أو ساعتين، قال: إلا عشرة، فإنه يلزمه مائة كاملة، لأن هذا الاستثناء لا يصح، لأنه انفصل.

و كذلك لو قال: عندي لموسى مائة درهم، ثم لما قال: عندي لموسى مائة درهم، سألته: و أيش بيعكم اليوم للأشرطة؟

هل هو جيد أو لا؟

قال: و الله بعض و بعض.

قلت: فصل.

قال: الأشرطة التي تسجيلها جيد تباع، و التي تسجيلها رديء لا تباع.

قلت له: لماذا لا تجعلونها واحدة كلها طيبة من أجل أن تباع؟

قال: هكذا قيل لنا.

ثم بعد ذلك قال: إلا عشرة. فإنه يلزمه مائة، بالرغم من كون المكان واحدا، لكنه فصل بكلام أجنبي، فلم يصح الاستثناء.

تنبيه:

أما إذا كان الفصل بغير كلام أجنبي فإنه لا بأس به، و ظاهر كلام المؤلف أنه يؤثر، و لو كان متصلا بالكلام.

و الصحيح أنه لا بأس به، و الدليل على ذلك أن النبي صلى الله عليه و سلم لما خطب الناس في عام الفتح، و أخبر أن مكة حرام، و أنه لا يختلى خلاها، و لا يعضد شوكها،

قال العباس: إلا الإذخر يا رسول الله، فإنه لبيوتهم و قَيْنَهم.

فقال صلى الله عليه و سلم: "إلا الإذخر".

فهذا استثناء منفصل، لكنه فصل بكلام لم يخرج عن الموضوع، فالصحيح أن مثل هذا لا يضر، و على كلام المؤلف يكون ضارا، فكيف يخرج الحديث من قال يقول المؤلف؟

يخرجونه على أن هذا ليس تخصيصا، و لكنه نسخ، يعني: أن الحكم نسخ فيما استثنى، و ليس هذا من باب التخصيص، و الخلاف الآن يشبه أن يكون لفظيا، أما الحكم فثابت، لكننا نقول: هذا ليس بنسخ، لأن النسخ لا بد أن يكون بدليل منفصل، و هذا لا يمكن انفصاله، لأن هذا مستثنى، و المستثنى منه إذا قلنا: بأنه نسخ صار غير موجود،

و نقول معناه: إلا الإذخر،

ما هو المستثنى منه؟

و الصواب أن هذا استثناء، و أنه لا يضر الفصل بما يتعلق بالموضوع.

إذن: شرطه ألا يرى منفصلا، و الانفصال تبين لنا بالتقرير أنه نوعان:

الأول: السكوت مع طول الفصل.

الثاني: أن يؤتى بكلام مستقل، لا علاقة له بالاستثناء، فهذا أيضا منفصل، فلا يصح فيه الاستثناء.

الشرط الثالث: و لم يكن مستغرقا لما خلا

يعني: يشترط أيضا ألا يكون المستثنى مستغرقا لما خلا، و الذي خلا هو المستثنى منه، يعني: يشترط ألا يكون المستثنى مستغرقا منه، فإن كان مستغرقا لم يصح.

مثاله:

عندي لفلان مائة إلا مائة، لا يصح، لأن الاستثناء الآن رفع الحكمَ كله عن المستثنى منه، فهذا لا يصح، و ظاهر كلام المؤلف أنه إذا لم يستغرقه صح، و لو كان المستثنى أكثر من نصف المستثنى منه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير