ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[04 - 08 - 09, 05:35 م]ـ
أقسام التخصيص
الفائدة 193
92ـ ثم الكتاب بالكتاب خصصوا ... و سنةٌ بسنة تخصصُ
الآن لما ذكر المؤلف التخصيص، و هو إخراج بعض أفراد العام، ذكر ما يحصل به التخصيص، فالتخصيص يحصل بالآتي:
1ـ تخصيص الكتاب بالكتاب:
يعني القرآن بالقرآن، تأتي آية عامة، ثم تخصص بالقرآن.
مثال ذلك:
قول الله تبارك و تعالى: (و المطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء) ظاهر الآية العموم، و أنها تشمل كل مطلقة، ثم قال عز و جل: (و أولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن)
فتكون الآية السابقة مخصصة بقوله (و أولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن).
تخصص الآية الأولى بالثانية، و إن كان هذا مثالا لما بينهما عموم و خصوص من وجه.
الفائدة 194
2ـ تخصيص السنة بالسنة:
قوله رحمه الله: (و سنة بسنة تخصص)
يعني: و السنة أيضا تخصصها السنة، يعني: يرد لفظ عام في السنة، ثم يأتي لفظ خاص يخصصه.
مثال ذلك:
قوله صلى الله عليه و سلم: (فيما سقت السماء العُشُر).
فهذا لفظ عام في الكمية، و في النوعية.
في الكمية: يعني قليلا كان أو كثيرا.
و في النوعية: يعني ثمرا كان، أو بطيخا، أو أي شيء.
ثم يأتي حديث آخر يخصص هذا، قال صلى الله عليه و سلم:
(ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة)
خصص الآن، فأخرج ما دون الخمسة ليس فيه زكاة، و ما دون الخمسة سقته السماء، لكن ليس فيه زكاة، لأنه دون النصاب، فهذا تخصيص سنة سنة.
و كذلك في النوعية، الحديث الثاني خصص الأول، لأن قوله صلى الله عليه و سلم: (أوسق).
تفيد أنه لا زكاة إلا فيما يوسق، و التوسيق التحميل، يعني: فيما يكال، و يوسق على الإبل، و البطيخ و شبهه ليس كذلك، فيكون أيضا مخصصا للنوع.
فكما رأيتم فإن تخصيص القرآن بالقرآن واضح، و تخصيص السنة بالسنة أيضا واضح، لأنها تخصيص للدليل بمثله.
الفائدة 195
93ـ و خصصوا بالسنة الكتابا .... و عكسه استعمل يكن صوابا
3ـ تخصيص الكتاب بالسنة:
قوله (و خصصوا بالسنة الكتابَ)
المخصص هو السنة، فهي قد خصصت الكتاب، مثال ذلك: قال تعالى: (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين) النساء/11.
و قال تعالى: (و لكم نصف ما ترك أزواجكم) النساء /12.
يعني: إذا ماتت المرأة، و لها زوج فله النصف، هذا عام، يشمل الموافق في الدين و المخالف، لكن قال النبي صلى الله عليه و سلم: (لا يرث المسلم الكافر، و لا الكافر المسلم).
إذن، هذه السنةُ خصصت القرآن.
فإن قيل: كيف خصصت السنة القرآن، و هي دونه؟
فيقال: أما قولك: و هي دونه. فهذا فيه تفصيل:
أولا: إن أردت و هي دونه في الثبوت، فهذا حق، لأن القرآن كله متواتر، و السنة فيها المتواتر و الآحاد و الصحيح و الضعيف، لكن إذا ثبتت عن النبي صلى الله عليه و سلم فإنها تكون مثل القرآن في إثبات الأحكام.
إذن قولك: و هي دونه، ليس على إطلاقه.
ثانيا: إن أردت أيضا: و هي دونه بحسب المتكلم بها، فهو صحيح، لكن من حيث الحكم الذي هو محط البحث، فهما سواء، فما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه و سلم فهو كالذي في القرآن تماما، و لا يجوز التفريق بينهما، و قد حذر النبي صلى الله عليه و سلم من هذا، أي من كون الانسان لا يعمل بما في السنة في قوله: (يوشك أن يكون أحدكم متكئا على أريكته ـ أنظر الهيئة الآن ـ متكئا على أريكته ـ يعني: سرير و عليه قبة و مفخم، و هو متكئ ـ يأتيه الأمر من أمري ـ حديث عن الرسول صلى الله عليه و سلم، و هو متكئ على أريكته ـ فيقول:
لا ندري ما وجدنا في القرآن اتبعناه ـ كبرياء، قال النبي صلى الله عليه و سلم: (ألا و إني أوتيت القرآن و مثله معه)
فنقول إذن: ما صح في السنة فكما جاء في القرآن من حيث ثبوت الأحكام، و إذا كنت لا يمكن أن نكذب الرسول صلى الله عليه و سلم فيما أخبر به فلا يمكن أن ننكر حكمه الذي حكم به، هما سواء، إذن القرآن يخصص بالسنة، و مثاله قد سبق.
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[04 - 08 - 09, 05:41 م]ـ
الفائدة 196
4ـ تخصيص السنة بالقرآن:
قوله رحمه الله (و عكسه استعمل يكن صوابا).
¥