الطريقة الأولى هي طريقة المتكلمين أو الشافعية: وهي طريقة تعتمد على تحرير القاعدة الأصولية ومحاولة الاستدلال عليها بالقرآن أو بالسنة أو بدليل عقلي أو بكلام العرب إذا كانت القاعدة لغوية.
ويؤخذ على هذه الطريقة أنها لا تنظر إلى الفروع فقد ترى أحيانا القاعدة الأصولية المحررة على هذه الطريقة تخالف فروع المذهب.
ومما صنف على هذه الطريقة "البرهان" لإمام الحرمين يعد من أوائل هذه الكتب وكتاب "المستصفى" للغزالي.
وأما الطريقة الثانية: فهي التي تسمى طريقة الحنفية أو طريقة الفقهاء، فهؤلاء يحررون القواعد من خلال فتاوى أئمتهم؛ لأن الذين كتبوا على هذه الطريقة وبدأوا الكتابة بهذه الطريقة هم من الحنفية, وهم ينظرون في فتاوى الأئمة الكبار منهم كأبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن ثم يحاولون أن يضعوا قاعدة أصولية، ويقولون هذه القاعدة الأصولية هي الصحيحة وهي رأي أئمتنا.
وبعد أن يحرروا أن هذا هو رأي الأئمة يرجعون ويقولون نحن نستدل عليها أيضا ونبطل ما يخالفها, قد يقيمون الدليل عليها بقرآن أو بسنة أو بفعل صحابي أو بقول صحابي أو بفعل الرسول-صلى الله عليه وسلم- أو بإجماع الصحابة أو بكلام العرب. وهذا هو ما يؤخذ على هذه الطريقة لما في ذلك من تقليد الأئمة إذ قد يصادم رأي الإمام حديثا صحيحا أو سنة ثابتة ...
ومما صنف على هذه الطريقة "أصول السرخسي" وكتاب "أصول البزدوي" وكتاب "أصول الشاشي" وهو شاشي آخر غير الشاشي الشافعي، و كتاب "تأسيس النظر" لأبي زيد الدبوسي وهذه الكتب كلها مطبوعة وموجودة وبعضها عليه شروح.
بعد هذا وجد من حاول أن يجمع بين الطريقتين ومن حاول أن يتوسع ولا يقتصر على مذهب واحد ثم تتالى التأليف وتوالى, وأكثر المؤلفات فيه على الطريقة الأولى لكنهم أيضا مع تأليفهم على الطريقة الأولى لم يلبثوا أن أدخلوا مع الأصول شيئا من الفروع الفقهية التي تعد ثمرة له في بعض الأحيان، مثل الكتب المطولة الكبيرة ككتاب مثلا "البحر المحيط" للزركشي وكتاب "شرح الكوكب المنير" لابن النجار الحنبلي, هذه الكتب كتب مطولة في أصول الفقه وفيها شيء من الفروع الفقهية ...
وفي عصرنا الحاضر وما قبله في هذا القرن -قبل خمسين سنة- بدأ التأليف الحديث في هذا العلم. بدأ العلماء يكتبون في هذا العلم بأسلوب أقل صعوبة وأقرب لأذهان الطلاب وتوالى التأليف في هذا, وهناك كتب كثيرة ألفت في هذا العلم نذكر منها مثلا أصول الفقه لعبد الوهاب خلاف, وأصول الفقه لأبي زهرة وهم من العلماء الكبار ...
(مستفاد من شرح الدكتور عياض بن نامي السلمي حفظه الله)
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[15 - 08 - 09, 09:11 م]ـ
جزاك الله خيرا و أحسن إليك أخي أبا بكر ....
فائدة قيمة جدا في طريقة تصنيف علم أصول الفقه بين المتكلمين و الفقهاء و من حاول الجمع بينهما و أخيرا التأليف الحديث ....
بارك الله فيك أخي و جزى الله خيرا الشيخ عياض بن نامي السلمي ....
و فرج الله عنكم ما أنتم فيه، صبرا آل تونس .....
فالله معكم و لن يضيعكم ....
في انتظار بقية الفوائد ....
ترقبوا بقية الأبواب إخوتي الكرام
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[18 - 08 - 09, 04:06 م]ـ
نتابع بعون الله و توفيقه ...
مازلنا في الشريط الخامس، و بعد إكمال باب المجمل و المبين، سنمر بباب الأفعال أي أفعال النبي صلى الله عليه و سلم، ثم نشرع في باب النسخ، حينها ينتهي الشريط الخامس، يعني في أول باب النسخ! ...
و ندخل في الشريط السادس!
فما يبقى لنا إلا الشريط السابع و الثامن فقط يا إخوان!
النهاية قريبة بإذن الله ....
فأبشروا!!! ...
باب المجمل و المبين
قال المؤلف رحمه الله / باب المجمل و المبين:
95ـ ما كان محتاجا إلى بيان .... فمُجْمَلٌ و ضابطُ البيانِ
96ـ إخراجه من حالة الإشكالِ ... إلى التجلِّي و اتضاح الحالِ
الفائدة 201
بعد أن ذكر رحمه الله العام و الخاص و المطلق و المقيد ذكر المجمل و المبين.
الفائدة 202
و المجمل و المبين هما شيئان متضادان، المجمل ما ليس بمبين، و المبين ما ليس بمجمل، فإذا كان اللفظ لا يعلم المراد منه فهو المجمل، و لهذا قال المؤلف رحمه الله:
(ما كان محتاجا إلى بيان فمجمل).
هذا هو الضابط: أن المجمل كل لفظ يحتاج إلى بيان.
مثال ذلك:
قول الله تعالى: (و أقيموا الصلاة) البقرة /43. هذا مجمل، لأن الله لم يبين كيفية إقامتها، فبين ذلك القرآن و السنة، القرآن في موضع آخر، و السنة كذلك في مواضع أخرى.
مثال آخر:
قال تعالى: (و آتوا الزكاة)، هذا أيضا مجمل، لأننا لا ندري من الذي يؤتي الزكاة؟
و ما الذي فيه الزكاة؟
و إلى من تصرف؟
إذن ففيه إجمال! ...
الفائدة 203 (مهمة!)
فإذا قال قائل:
ما هي الحكمة في ذكر الإجمال إذا كان يحتاج إلى بيان؟
قلنا:
الحكمة من أجل أن تتطلع النفوسُ لفهمه، و تشرئبَّ لمعناه، لأنك إذا أعطيتَ الإنسانَ الشيءَ بيِّنا صار لقمةً سائغة لا يمضغه، و لا يهتم به، لكن إذا أعطيته شيئا مجملا تَعِبَ و فكَّر ما هذا المجمل؟
و قام يبحث، فإذا جاء البيانُ، وَرَدَ على نفسٍ مشرئبةٍ، طامعةٍ في البيان!!!
اقتراح مهم جدا:
أقترح على إخوتي أمرين مفيدين في المذاكرة، نفعني بهما أحد الأساتذة الكرام في هذا الملتقى المبارك:
أولا:
حفظ هذا النظم، و السؤال عما أشكل فيه، لضبط ألفاظه و اجتناب السقط و التحريف و اللحن، و التعاون في ذلك، و سأفتح موضوعا خاصا بهذا قريبا إن شاء الله.
ثانيا:
الموازنة و المقارنة بين نظمي: العمريطي و المامي اليعقوبي،
والمقصود بالموازنة أن ينظر في كل مسألة إلى نظم كل منهما وأيهما أفضل فيالتعبير عن مقصود الجويني؟ لأن نظم العمريطي ضعف نظم المامي في عددالأبيات.
وهذه الطريقة ترسخ المعلومات وتثبتها في ذهن طالب العلم.
و لكن إخوتي، سنشرع في هذا الإقتراح الثاني حينما ننتهي من شرح نظم العمريطي إن شاء الله.
أما الحفظ فسنبدأ قريبا إن شاء الله، فهو سهل، و حفظه أثناء شرحه يسير بإذن الله، و سيكون بمنهجية متميزة بإذن الله، نعرض مجموعة من الأبيات في كل مرة، لتصحيحها جماعة ثم نحفظها ... و هكذا إلى النهاية بعون الله.
¥