فهذا نص، لأنه رأى رجلا يسمى جعفرا، ما يحتمل غير هذا، يأتي إنسان يقول: لعله يحتمل، لعله رأى بابا.
فنقول: لا، هذا جنون، يقول: رأيت جعفرا، بشرا يسمى جعفرا، و تقول: رأى بابا. هذا لا يكون، لا يحتمل إلا أنه رأى رجلا يسمى جعفرا، فهذا نص.
مثال آخر:
قال قائل: أكلت تمرا، نقول:
هذا نص، لأنه لا يحتمل إلا أنه أكل تمرا، لو قال: أكلت تمرا.
يعني: باع تمرا، فإنه لا يستقيم، إذ هو نص في معناه.
الفائدة 209
قال المؤلف:
...... و قيل ما .... تأويله تنزيله فليعلما
يعني: معناه أن النص ما تاويله، أي: ما يعلم معناه بغير بحث عنه، فلا يحتاج إلى بحث في الوصول إلى معناه، فيكون تأويله تنزيله، أي: بمجرد نزوله فهمنا معناه.
هذا هو النص، لكن الأول هو المشهور، أن النص ما لا يحتمل إلا معنى واحدا.
فإن احتمل معنيين فأكثر فهو الظاهر و المؤول.
فإنه إن احتمل معنيين فأكثر فالراجح هو الظاهر، و المرجوح هو المؤول.
الفائدة 210
قال المؤلف رحمه الله:
100ـ فالظاهر هو الذي يفيد ما سمع .... معنىً سوى المعنى الذي له وُضِعْ
يعني:
الظاهر هو الذي يفيد المخاطبـ لأن ما سمع بمعنى: من سمع ـ فالظاهر هو الذي يفيد السامع معنى سوى المعنى الذي له وُضِع.
فإذا كان اللفظ يفيد معنيين، المعنى الأول ما يفهمه السامع منه، و المعنى الثاني معنىً وراء ذلك.
فالذي يفهمه السامع يسمى الظاهر، و هو بالمعنى الواضح:
كل لفظ يحتمل معنيين، هو في أحدهما أظهر، فالظاهر هو الراجح، و المرجوح هو المؤول.
فتبين بذلك أن الألفاظ تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
الأول: ما لا يحتمل إلا معنى واحدا، فيسمى النص.
و الثاني: ما احتمل معنيين، هو في أحدهما أرجح، فالراجح الظاهر، و المرجوح مؤول.
الفائدة 211
قال المؤلف رحمه الله:
101 ـ كالأسد اسمُ واحدِ السباع .... و قد يُرَى للرجل الشجاعِ
الأسد هل هو نص في أنه واحد السباع أو ظاهر؟
الجواب:
نقول: هو ظاهر، يعني: هو الأرجح، عندما يقول قائل: أقبل الأسد.
ترجح عند السامع أنه الحيوان المفترس المعروف، لكن يحتمل أنه أراد الرجل الشجاع، فحمله على الرجل الشجاع يسمى تأويلا، و حمله على الأسد يسمى أخذا بالظاهر.
الفائدة 212
قال المؤلف رحمه الله:
102 ـ و الظاهر المذكور حيث أشكلا ... مفهومه فبالدليل أُوِّلا
معنى البيت: أن الظاهر الذي هو الراجح إذا أول بالدليل فإنه يسمى مؤولا، و لنضرب لهذا مثلا:
مثال:
قال الله تبارك و تعالى: (فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم) / النحل: 98.
الظاهر أنك بعد الفراغ من القراءة تستعيذ بالله، لكن هذا الظاهر غير مراد، بل المراد: إذا أردت أن تقرأ فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم، و هذا خلاف الظاهر.
و هل التأويل مقبول أو غير مقبول؟
نقول: إن دل عليه الدليل فهو مقبول، بل واجب، و حينئذ يكون من التأويل الذي بمعنى التفسير، و إن لم يدل عليه الدليل فهو غير مقبول، و نحن قد مثلنا بمثال دل عليه الدليل، و هو قوله تعالى: (فإذا قرأت).
مثال آخر:
فسر أهل التعطيل قوله تعالى: (ثم استوى على العرش) الأعراف: 54. ثم استولى عليه.
نقول: هذا التأويل غير مقبول، لأنه ليس عليه دليل، و ليس هو ظاهر اللفظ فلا يقبل.
و فسروا أيضا قول الله تعالى: (بل يداه مبسوطتان) بالنعمة، نقول: لا يصح، لأنه خلاف الظاهر، و ليس عليه دليل.
الفائدة 213
قال رحمه الله:
103 ـ و صار بعد ذلك التأويل ... مقيّدا في الاسم بالدليلِ
معنى البيت:
أنه إذا وجد دليل على التأويل فإن هذا التأويل يسمى ظاهرا بالدليل، و عليه فإن ظاهر اللفظ الذي لا يحتاج إلى دليل هو الظاهر، و ظاهر اللفظ الذي يكون ظاهره بالدليل، يكون ظاهرا، لكن قيده المؤلف رحمه الله فقال: مقيدا في الاسم بالدليل.
يعني: تقول: هو ظاهر بالدليل.
الفائدة 214
و خلاصة هذا الفصل، أن الكلام له خمسة أقسام:
1ـ مجمل
2 ـ و مبين
3ـ و نص
4ـ و ظاهر
5ـ و مؤول.
و الله أعلم.
*************
(انتهى بحمد الله باب المجمل و المبين)
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[26 - 09 - 09, 08:20 م]ـ
إخوتي الكرام، انتهينا بحمد الله من باب المجمل و المبين.
¥