الأول: عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: لما نزلت {ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} قال أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -: وأينا لم يظلم. فنزلت {إن الشرك لظلم عظيم (13)}، ففهم الصحابة رضي الله عنهم العموم في الآية إما من الاسم الموصول {والذين آمنوا} أو من النكرة في سياق النفي {يظلم} ولم ينكر عليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك الفهم. بل جاء البيان أن المراد بالظلم الشرك. قال في فتح الباري: (وفيه الحمل على العموم حتى يرد دليل الخصوص).
المثال الثاني: ما رواه ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (من جرّ ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة. فقالت أم سلمة رضي الله عنها: فكيف تصنع النساء بذيولهن؟ قال: يرخينه شبراً. فقالت: إذن تنكشف أقدامهن: قال: فيرخينه ذراعاً ولا يزدن عليه).
ففهمت أم سلمة رضي الله عنها من لفظ (مَنْ) تفيد العموم بدون قرينة. لأن العموم من صفات الألفاظ)." اهـ
العام لفظ دال على أكثر من واحد من غير حصر.
وقال الرازي: اللفظ المستغرق لجميع ما يصلح له بحسب وضع واحد
فخرج بذلك ما لا يتناول إلا واحدا والنكرة في سياق الإثبات، وقوله "ما يصلح له" اخترازا مما لا يصلح له كقول الله تعالى "وأوتيت من كل شيء" - أي ملكة سبأ- المراد من كل شيء مما يصلح أن يؤتاه الملوك، وخرج أيضا بقوله "بحسب وضع واحد" الألفاظ المشتركة مثل "العين" فإنها تطلق على العين الباصرة وعلى الذهب وعلى عين الماء وعلى الجاسوس ...
وقيل في تعريف العام أيضا "اللفظ الدال على جميع أجزاء ماهية مدلوله" وقال الطوفي هذا أجود التعاريف.
و لْتَنْحَصِرْ ألفاظه في أربعِ
هي أكثر من ذلك بكثير وقد أوصلها القرافي إلى مائتين وخمسين
ومما أغفله المصنف رحمه الله:
- صيغة "كل"، وهي أم الباب ويلحق بها ما دل على العموم بمادته مثل جميع ومعشر ومعاشر وعامة كافة ونحوها.
- النكرة في سياق النهي نحو قوله تعالى "فلا تدعو مع الله أحدا"
- النكرة في سياق الإستفهام الإنكاري نحو قوله تعالى "هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض"
- النكرة في سياق الشرط: نحو قوله تعالى "وإن أحد من المشركين استجارك فأجره"
-النكرة في سياق الإثبات في معرض الإمتنان نحو قوله تعالى "فيها فاكهة ونخل ورمان"
- المضاف لمعرفة، سواء كان مفرداً أو جمعاً كقوله تعالى: {وإن تعدّوا نعمت الله لا تحصوها} وقوله تعالى: {يوصيكم الله في أولادكم}
يتبع إن شاء الله
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[04 - 11 - 09, 01:32 م]ـ
في المتابعة وفقك الله أخي ...
نحن متعطشون جدا لمثل هذه الدرر ....
حفظك ربي أخي أبا بكر ....
لا تحرمنا من مشاركاتك الرائعة ...
ـ[أبو بكر التونسي]ــــــــ[05 - 11 - 09, 12:58 م]ـ
في المتابعة وفقك الله أخي ...
نحن متعطشون جدا لمثل هذه الدرر ....
حفظك ربي أخي أبا بكر ....
لا تحرمنا من مشاركاتك الرائعة ...
رفع الله قدرك أخي الحبيب، أحمد فيك تشجيعك لإخوانك واستنهاضك همم الكسالى والمقصرين من أمثالي ... أسأل الله أن يحول حالي وحال إخواني إلى خير حال ...
وأسألك الدعاء لي ولإخواني هنا خاصة بالحفظ والتثبيت لا سيما هذه الأيام ...
كتب الله أجركم
79ـ ثم العمومُ أُبْطِلَتْ دعواهُ ..... في الفعل بل و ما جَرَى مَجْرَاهُ
ذكر الشيخ ابن حميد حفظه الله أن أهل العلم يفرقون بين الفعل في حال الإثبات وحال النفي
فالفعل في حال إثبات لا يدل على العموم وإنما يدل على أنه حدث مرة كما ذكر الشيخ رحمه الله تعالى.
وأما في حال النفي فإنه يدل على العموم مثاله حديث أبي أيوب 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: "لا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها بغائط ولا بول"، فهذا فعل منفي يدل على العموم فيشمل داخل البنيان وخارجه وإنما التخصيص دخله من حديث ابن عمر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -.
وعلل ذلك الشيخ الفوزان حفظه الله بأن الفعل ينحل عن مصدر وزمن، فالمصدر كامن في معناه إجماعا، فإن كان مثبتا فالمصدر ومثبت، والنكرة في سياق الإثبات لا تعم، إلا في سياق الإمتنان كما أسلفنا الذكر، وإن كان الفعل منفيا فالمصدر منفي، والنكرة في سياق النفي تعم كما مضى.
والله أعلم بالصواب
يتبع إن شاء الله
¥