ـ[أبو بكر التونسي]ــــــــ[09 - 11 - 09, 01:27 م]ـ
الفائدة 171
مثال التخصيص بالاستثناء
و الاستثناء مأخوذ من الثني، لأنه استفعال، و أصوله الثاء و النون و الياء، فهو من الثني، و هو العطف، تعطف شيئا على شيء، هذا من حيث اللغة.
أما في الاصطلاح فهو إخراج ما لولاه لدخل في الكلام ب"إلا" أو إحدى أخواتها. و أخواتها مثل غير و سوى.
ذكر الشيخ الحازمي حفظه الله في شرح الآجرومية أن هذا التعريف للإستثناء منتقد وفيه نوع تناقض ورده بعض الأصوليين وبعض أهل اللغة وذكر أن الإمام ابن القيم رحمه الله قد تكلم في هذه المسألة وانتقد هذا التعريف في كتابه بدائع الفوائد.
والتعريف المختار للإستثناء هو قولٌ مُتَّصِلٌ يدُّلُ بإلا أو إحدى أخواتها على أنَّ المذكور معه غيرُ مرادٍ بالقول الأول.
ومن أراد التفصيل في المسألة فليرجع إلى كلام الشيخ حفظه الله في شرحه على الآجرومية المسمى بفتح رب البرية بشرح نظم الآجرومية وإلى كتاب بدائع الفوائد للإمام ابن القيم رحمه الله وقد ذكر هذه المسألة في فصل دعاء العبادة ودعاء المسألة وفي الفصل الذي بعده.
الشرط الرابع: و النطق مع إسماع من بقربه
يعني: يشترط النطق، أي: أن ينطق بالاستثناء، فإن استثنى بقلبه لم ينفعه حتى ينطق، و الشرط الثاني في هذا الشرط، أن يسمعه من بقربه.
يعني: ينطق به نطقا يسمعه غيره.
مثاله:
لو قال: عندي لك مائة. و نوى إلا عشرة، نوى نية، لم ينطق. فإنه يلزمه مائة.
و لو قال: عندي له مائة، ثم قال: إلا عشرة، بلسانه فقط، و لم يسمع أحدا فإنه لا يصح، لأنه لابد أن يسمع من بقربه.
سؤال:
هذا مبني على أنه يحصل النطقُ بدون إسماع الغير أو لا؟
و ينبني على هذا مسألة في أذكار الصلاة:
هل يشترط أن الانسان يسمع نفسه أو من بقربه إذا قرأ الفاتحة؟
فيه خلاف، بعض العلماء يقولون:
لا يشترط، مادام نطق و إن لم يسمع.
و بعضهم يقولون: لا يصح.
فالاستثناء مبني على هذا، فلو قال: أنا عندي له مائة، و إني قلت: إلا عشرة.
قالوا: ما سمعنا. قال: إني قلتها. فإنه عند القاضي: يحلف، فإذا حلف صح الاستثناء.
فالصحيح أنه ليس بشرط إسماع من بقربه، و أنه إذا نطق به اللسان، كفى.
و على رأي المؤلف لا يصح، إذ لابد أن يسمع من بقربه.
ذك الشيخ الحازمي أن الإسماع شرط مستفاد من الفقه وليس شرطا لغويا وهو شرط معتبر لئلا تضيع حقوق الناس.
والله تعالى أعلم
ـ[أبو بكر التونسي]ــــــــ[10 - 11 - 09, 01:43 م]ـ
مسائل في الإستثناء
- الإستثناء من الإستثناء
كأن يقال عليّ عشرون إلا ثمانية إلا ستة إلا أربعة، فيستثنى الإخير مما قبله مباشرة، بمعنى أنه يستثنى أربعة من ستة فيبقى اثنان فيستثنى من ثمانية اثنان فيبقى ستة فتستثنى من عشرين فيبقى أربعة عشر.
ويدل على صحة هذا الإستثناء قول الله تعالى {قَالُواْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ (58) إِلاَّ آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ (59) إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ (60)}
فاستثني من القوم آل لوط ومن آل لوط امرأته.
- الإستثناء من الجمل
هل يعود على الأخير أم على الجميع؟
والصحيح أنه يعود على الجميع إلا إذا منه مانع.
مثاله قول اللع جل وعلا: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا}
فالذين تابوا مشتثنون من الجمل السابقة في الآية إلا من أقامة الحد للإجماع المنعقد على أنه لا يسقط.
والله تعالى أعلم
ـ[أبو بكر التونسي]ــــــــ[10 - 11 - 09, 01:59 م]ـ
الفائدة 170
مثال التخصيص بالوصف
و مثال التخصيص بالوصف: قلت َ: أكرم القوم المكرمين لك.
المكرمين، هذه صفة للقوم، فقد قيدتَ القوم، لو أن الكلام بقى هكذا: أكرم القوم، لأكرمت القوم كلهم، أكرموك أم لم يكرموك، فإذا قلت: المكرمين لك، خرج بذلك غير المكرمين.
إذن يكون التخصيص بالوصف من باب التخصيص بالمتصل.
ليس المراد بالوصف ما اصطلح عليه النحوين بالنعت فحسب بل المراد الصفة المعنوية وهي ما أشعر بمعنى يتصف به بعض أفراد العام من نعت أو بدل أو حال أو شبه جملة.
- فمثال النعت: قوله - صلى الله عليه وسلم -: (من باع نخلاً مؤبراً فثمرتها للبائع إلا أن يشترط المبتاع) فقوله (مؤبراً) صفة للنخل. ومفهومها أن النخل إن لم تؤبر فثمرتها للمشتري.
- ومثال البدل: قوله تعالى: {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا} (1) فقوله {من استطاع} بدل من {الناس} فيكون وجوب الحج على المستطيع منهم.
- ومثال الحال: قوله تعالى في جزاء الصيد: {ومن قبله منكم متعمداً فجزاء مثل ما قتل من النعم}. فقوله (متعمداً) حال من المضمر المرفوع في (قتله) وهو يدل على أن الجزاء خاص بالعامد دون المخطئ والناسي، وهذا على أحد القولين في المسألة.
- ومثال شبه الجملة كأن تقول (اقرأ الكتب كل يوم أو في كل صباح) فهذا مقيد بالصفة.
والله تعالى أعلم
يتبع إن شاء الله
¥