ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[13 - 01 - 10, 09:17 م]ـ
بارك الله في أخي أبي بكر و في الجميع .....
نواصل بعون الله و توفيقه .......
أما القياس فهو دليل عقلي، فلا يمكن جعله دليلا شرعيا صحيحا، فأنكروا القياسَ رحمهم الله إنكارا عظيما.
و لقد وقعوا رحمهم الله في هَوَايا، و وقعوا في تناقضات عظيمة بسبب إنكارهم للقياس، يعرف هذه التناقضات من تتبع كتبهم.
و القول الثاني:
و هو قول عامة العلماء، قالوا:
إن القياسَ ثابتٌ شرعا، و هو رابعُ الأدلة الشرعية بعدَ الكتاب و السنة و الإجماع.
و استدلوا على ذلك بوقوع القياس في كتاب الله عز وجل، و في سنة النبي صلى الله عليه و سلم في الأمور الكونية، و في الأمور الشرعية:
فمثال وقوعه في الأمور الكونية:
1 ـ قال تعالى: (أو ليس الذي خلق السماوات و الأرض بقادر على أن يخلق مثلهم) يس: 81.
فهذا قياس في أمر كوني، و هو الخلق، وجهه أنه إذا كان الله قادرا على خلق السماوات و الأرض فهو من باب أولى قادر على خلق من دونهما من الناس و غيرهم، قال تعالى: (لخلق السماوات و الأرض أكبر من خلق الناس) غافر: 57.
2 ـ و قال تعالى: (و نزلنا من السماء ماء مباركا فأنبتنا به جنات و حب الحصيد (9) و النخل باسقات لها طلع نضيد (10) رزقا للعباد و أحيينا به بلدة ميتا كذلك الخروج) ق: 9ـ11.
فهذا قياس، قاس سبحانه و تعالى الخروجَ من القبور على خروج الزرع من الأرض.
فكما ينزل سبحانه الماء من السماء فينبت به الزرع، فكذلك أهل القبور ينزل عليهم مطر فينبتون في قبورهم، ثم يخرجون، قال تعالى: (يوم يخرجون من الأجداث سراعا).
و مثاله في الأمور الشرعية:
1ـ ما رواه البخاري و مسلم، رحمهما الله عز و جل، عن ابن عباس، رضي الله عنهما، أن امرأة أتت رسول الله صلى الله عليه و سلم، فقالت: إن أمي ماتت، و عليها صوم شهر.
فقال: "أرأيت لو كان عليها دين، أكنت تقضينه؟ "
قالت: نعم.
قال: (فدين الله أحق بالقضاء). و هذا قياس.
2 ـ و ما رواه البخاري و مسلم، رحمهما الله عز و جل، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: جاء رجل من بني فزارة إلى النبي صلى الله عليه و سلم، فقال: إن امرأتي ولدت غلاما أسودَ ـ كأنه يُعَرِّضُ بأن ينفيه ـ فقال النبي صلى الله عليه و سلم: هل لك من إبل؟
قال: نعم.
قال: (فما ألوانها؟)
قال: حُمْرٌ
قال: (هل فيها من أَوْرَقَ؟)
قال: إن فيها لَوُرْقا.
قال: (فأنى أتاها ذلك؟)
قال: عسى أن يكون نزعه عِرق.
قال: (و هذا عسى أن يكون نزعه عرق).
ففي هذا الحديث لم يقل له صلى الله عليه و سلم:
الولدُ لكما. لو قال: الولدُ لكما.
لقال الرجلُ: نعم، رضينا بالله و رسوله، لكن أراد النبي صلى الله عليه و سلم أن يقيس، فضرب له مثلا يناسبه من بيئته، و هو أعرابي لا يعرف إلا الإبل، فاقتنع الرجلُ.
ـ و العقلُ أيضا يقتضي ثبوت القياس بناء على أننا نعرف أن الشريعةَ كاملةٌ من كل وجه، مُحْكَمَةٌ من كل وجه، و الكامل المحكم لا يتناقض، و معلوم أن التفريق بين متماثلين أو الجمع بين مختلفين تناقض، فالمتفقان لا بد أن يكون حكمهما واحدا حتى تتفق الشريعة، و المختلفان لا بد أن يكون حكمهما مختلفا أيضا.
خلاصة ما سبق:
فالقياس إذا ثابت بالكتاب و السنة في الأمور الكونية و الشرعية، و كذلك دلّ عليه العقل، و عمل المسلمين عليه إلى اليوم، و إلى الغد لأنه من كمال الشريعة، و الشريعة لا يمكن أن يدخلها النقص.
الفائدة 293
(أقسام القياس عند المؤلف)
ثم بين رحمه الله أقسام القياس، فقال:
لعلة جامعةٍ في الحُكم .... و ليُعْتَبَرْ ثلاثةً في الرسم
لعلة أضفه أو دَلالَهْ ..... أو شَبَهٍ ثم اعْتَبِرْ أحوالَهْ
يعني رحمه الله:
أن القياس ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
قياس عِلة، و قياس دَلالة، و قياس شَبَه.
الفائدة 294
(أقسام القياس عند غيره)
و اعلم رحمك الله أن القياس اختلف العلماء رحمهم الله في مورد التقسيم فيه، فمنهم من قسّمه على ما مشى عليه المؤلف، و منهم من قسّمه على وجه آخر،
فقال: القياس نوعان، جلي و خفي، و طرد و عكس.
فالقياس الجلي:
هو الواضح الذي ثبتت علته بالنص، أو بما لا مجال للشكِّ فيه.
مثاله:
¥