تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فيقالُ: هذه العلةُ غيرُ مطردةٍ، لأن الإنسانَ الذي عنده جواهرُ تساوي قيمتها آلافا ليس عليه زكاةٌ، مع أن حاجةَ الفقير تندفعُ فيما لو زكّاه، و هذا المثالُ فيه نظرٌ أيضا، لأن المؤلفَ رحمه الله نفسهُ ذكر فيما سبق وجوبَ الزكاةِ في مالِ الصبيِّ قياسا على مالِ البالغِ، لأنه نامٍ، فالعلةُ في وجوبِ الزكاة في المواشي أنها ناميةٌ، لا مجردُ دفع حاجةِ الفقيرِ، لكانت الزكاةُ واجبةً في كل مالٍ.

على كلِّ حالٍ نحن لا نوافق كلام المؤلف رحمه الله في هذا الموضوعِ، بل نقولُ: العلةُ المطّردةُ هي التي إذا وجدت وجد الحكمُ، و إذا وجد الحكم وجدت، و ما ليس كذلك فهي علة غيرُ مطّردة، و لا يصحُّ التعليلُ بها.

الفائدة 206

(الشرط الرابع للقياس)

قال المؤلفُ رحمه الله تعالى:

172 ـ و الحكمُ من شروطه أن يتبعا ... علته نفيا و إثباتا معا

173 ـ فهي التي له حقيقاً تجلبُ ... و هو الذي لها كذاك يجلبُ

يعني: أن الشرطَ الرابعَ من شروط القياسِ أن الحكمَ من شروطه أن يكون تابعا للعلة في النفي و الإثبات، أي: في الوجود و العدمِ، فإن وجدت العلةُ وجد الحكمُ، و إن انتفت انتفى.

و هذا إن كان الحكمُ معللا بعلة واحدة، كتحريم الخمر، فإنه معلّلٌ بالاسكار، فمتى وجد الإسكار وجد الحكمُ، و متى انتفى انتفى، و أما إذا كان الحكمُ معلّلا بعللٍ فإنه لا يلزمُ من انتفاء علةٍ معينةٍ منها انتفاءُ الحكمِ، كالقتلِ فإنه يجبُ بسببِ الردّةِ، و الزنا بعد الإحصانِ، و قتل النفسِ المعصومة المماثلة، و ترك الصلاةِ، و غير ذلك.

المهمُّ أن هذا البيت قد أشار إلى قاعدة مهمة معروفة بين أهل العلمِ، و هي أن الحكمَ يدورُ مع علته وجودا و عدما، و أن الحكمَ إذا ثبت بعلة زال بزوالها، فإذا قلنا: هذا الشيءُ حرامٌ، و العلة كذا،وانتفت هذه العلةُ زال الحكمُ.

مثال ذلك:

قال الله تبارك و تعالى: (فإذا طعمتم فانتشروا و لا مستئنسين لحديث إن ذلكم كان يؤذي النبي) الأحزاب: 53.

أي: لا تقعدوا مستأنسين لحديث، و العلةُ في وجوب الانتشار و الذهاب هي الأذيةُ بالجلوس، فإذا انتفت هذه العلةُ، و صار صاحبُ الدارِ يحبُّ أن نجلس عنده و نتحدث، فهل نقولُ: إننا خالفنا السنةَ في البقاء؟

الجوابُ: لا

لانتفاءِ العلةِ، فالحكمُ يدورُ مع علته وجودا و عدما.

مثال آخر:

البيعُ بعد نداء الجمعة الثاني حرامٌ، لأنه يصدُّ عن ذكر الله و عن الصلاةِ، و يقاسُ عليه اللعبُ بعد الأذان فهو حرامٌ أيضا، لأن العلةَ موجودة، و الحكم يدور مع علته وجودا و عدما، و هذه قاعدةٌ مفيدةٌ لطالب العلم.

ـ لكن أحيانا يكون النزاعُ:

هل العلةُ زالت، أو هي باقية، فحينئذ نحتاجُ إلى إثباتٍ، فما هو الإثبات في هذه المسألة؟

الجواب أن نقول:

إذا كانت العلةُ قد ثبتت فالأصلُ عدمُ زوالها، و إذا لم توجد فالأصلُ عدمُ ثبوتها، فنرجعُ للأصل في الموضعين في الثبوت أو العدمِ.

الفائدة 207

قال رحمه الله:

173 ـ فهي التي له حقيقا تجلبُ ... و هو الذي لها كذاك يجلبُ

قوله: (فهي) أي: فالعلةُ.

و قوله: (له) أي: للحكم.

و هذا البيتُ بمثابةِ التعليلِ لهذه القاعدة، و هي أن الحكمَ يدور مع علته وجودا و عدما، لأن العلةَ جالبةٌ للحكم، و الحكم مجلوبٌ، فلهذا يتتابعان، فلا ينفكُّ أحدهما عن الآخر.

ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[23 - 01 - 10, 03:13 م]ـ

فصل

174ـ لا حكم قبلَ بعثةِ الرسولِ .... بل بعدها بمقتضى الدليلِ

175 ـ و الأصل في الأشياء قبل الشرع ... تحريمها لا بعدَ حكمٍ شرعي

176 ـ بل ما أحلَّ الشرعُ حلّلناه ..... و ما نهانا عنه حرّمناه

177 ـ و حيث لم نجدْ دليلَ حِلّ ...... شرعا تمسّكنا بحكمِ الأصلِ

178 ـ مستصحبين الأصل لا سواه .... و قال قوم ضدَّ ما قلناه

179 ـ أي أصلها التحليل إلا ما وردْ ... تحريمها في شرعنا فلا يردّ

الفائدة 208

هذه مسألة تنازع الناسُ فيها، و هو نزاعٌ لا طائلَ تحته، و هي هل الأصلُ في الأشياءِ الإباحةُ، أو الأصلُ في الأشياءِ التحريمُ، أو نقولُ: إنه لا حكمَ للأشياء، يعني: لا نقولُ: ممنوعة، و لا نقولُ:

حلالٌ، قبل بعثةِ الرسولِ؟

الجوابُ:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير