تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[جمع (الأمر) الأصولي عند شيخ الإسلام ابن القيم.]

ـ[بن حمد آل سيف]ــــــــ[19 - 08 - 06, 07:00 م]ـ

بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول و على آله و صحابته، و بعد.

تعارف طلاب العلم على أن صيغة الجمع (أوامر) كائنة ل (الأمر) الأصولي، و أن (الأمر) بمعنى الشأن يجمع على أمور.

تعارف طلبة العلم على معرفة ذلك؛ لما شاع هذا التفصيل بينهم، و لشيخ الإسلام ابن القيم – رحمه الله تعالى – رأيٌ مختلفٌ عن هذا!

قال المحقق ابن القيم في (مختصر الصواعق المرسلة): (الوجه الثاني و العشرون: تفريقكم بين الحقيقة و المجاز بجمع مفرديهما، فإذا جمع لفظ الحقيقة على صيغة ثم جمع ذلك اللفظ على صيغة أخرى كان مجازاً، مثاله لفظ " الأمر" فإنه يجمع إذا استعمل في القول المخصوص على " أوامر "

، و يجمع إذا استعمل في الفعل على " أمور "، و هذا التفريق من أفسد شيء و أبطله، فإن اللفظ يكون له عدة جموع باعتبار مفهوم واحد كشيخ مثلاً ....

(ثم قال ابن القيم):و أيضاً فإن رأس مالكم في هذا التعريف هو لفظ " أوامر " و " أمور "، فادعيتم أن " أوامر " جمع أمر القول، و " أمور " جمع أمر الفعل، و غركم في ذلك قول الجوهري في الصحاح: " تقول أمرته أمراً و جمعه أوامر " و هذه من إحدى غلطاته فإن هذا لا يعرف عند أهل العربية و اللغة، و فَعْلٌ له جموعٌ عديدة ليس منها فواعل البتة.

و قد اختلفت طرق المتكلمين لتصحيح ذلك، فقالت طائفة منهم: جمعوا أمراً أَأْمُر كأَفْلُس، ثم جمعوا هذا الجمع على أفاعل لا فواعل، فكان أصلها أآمر فقلبوا الهمزة الثانية واواً كراهية النطق بالهمزتين فصار في هذا أوامر.

و في هذا من التكلف و دعوى ما لم تنطق به العرب عليهم ما فيه، فإن العرب لم يسمع منهم جمع أمر على أفعل البتة، و لا أوامر أيضاً، فلم ينطقوا بهذا و لا هذا.

و لما علم هؤلاء أن هذا لا يتم في النواهي تكلفوا لها تكلفاً آخر فقالوا: حملوها على نقيضها، كما قالوا: الغدايا و العشايا، و قالوا: قدُم و حدُث، فضموا الدال من حدُث حملاً على قدُم.

و قالت طائفة أخرى: بل أوامر و نواهي جمع آمرٍ و ناهٍ، فسمي القول آمراً و ناهياً توسعاً ثم جمعوها على فواعل، كما قالوا فارس و فوارس، و هالك و هوالك.

و هذا أيضاً متكلف فإن فاعلاً نوعان: صفة و اسم، فإن كان صفة لم يجمع على فواعل، فلا يقال: قائم و قوائم، و آكل و أواكل، و ضارب و ضوارب، و عابد و عوابد، و إن كان اسماً فإنه يجمع فواعل نحو: خاتم و خواتم، و قد شذّ فارس و فوارس و هالك و هوالك فجمعا على فواعل مع كونهما صفتين، أما فارس فلعدم اللبس لأنه لا يتصف به المؤنث، و أما هالك فقصدوا النفس و هي مؤنثة، فهو في الحقيقة جمع هالكة، فإن فاعلة يجمع على فواعل في الأسماء و الصفات كفاطمة و فواطم و عابدة و عوابد.

فسمعَتْ هذا طائفة أخرى فقالت: أوامر و نواه جمع آمرة و ناهية! أي: كلمة أو وصية آمرة و ناهية.

و التحقيق: أن العرب سكتت عن جمع الأمر و النهي فلم ينطقوا لهما بجمع لأنهما في الأصل مصدران، و المصادر لا حظّ لها في التثنية و الجمع إلا إذا تعددت أنواعها، و الأمر و النهي و إن تعددت متعلقاتهما و و محالهما فحقيقتهما غير متعددة، فإن تعدد المحال لا يوجب تعدد الصفة، فقد منع سيبويه جمع " العلم " و لم يعتبر تعدد المعلومات، فتبين بطلان هذا الفرق الذي اعتمدتم عليه من جميع الوجوه.) انتهى (2/ 730 - 735) من مختصر الصواعق تحقيق الدكتور الحسن العلوي، ط أضواء السلف.

و للفائدة قال الزبيدي في تاج العروس –أنقل عنه بواسطة حاشية محقق مختصر الصواعق جزاه الله خيرا- قال في مادة "أمر": (و قد وقع في مصنفات الأصول الفرق في الجمع، فقالوا: الأمر إذا كان ضده النهي فجمعه أوامر، و إذا كان بمعنى الشأن فجمعه أمور، و عليه أكثر الفقهاء و هو الجاري في ألسنة الأقوام، و حقق شيخنا – [يعني محمد بن الطيب الفاسي]- في بعض الحواشي الأصولية ما نصه: اختلفوا في واحد أمور و أوامر، فقال الأصوليون: إن الأمر بمعنى القول المخصص يجمع على أوامر، و بمعنى الفعل أو الشأن يجمع على أمور، و لا يعرف من وافقهم إلا الجوهري في قوله:"أمره بكذا أمراً و جمعه أوامر "، و أما الأزهري فإنه قال:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير